قال أبو محمد هذه جملة كل ما شغبوا به إلا أنهم فصلوها ومدوها في الكفر والكافر والإيمان والمؤمن وفي غير ذلك مما هو المعنى الذي أوردناه بعينه ولا زيادة فيه أصلا .
قال أبو محمد وهذا ليس شيئا لأننا نقول لهم وبالله تعالى التوفيق العالم كله قسمان جوهر حامل وعرض محمول ولا مزيد ولا ثالث في العالم غير هذين القسمين هذا أمر يعرف بضرورة العقل وضرورة الحس فالجواهر مغايرة بعضها لبعض بذواتها التي هي أشخاصها يعني بالغيرية فيها وتختلف أيضا بجنسها وهي أيضا مفترق بعضها من بعض بالعرض المحمول في كل حامل من الجواهر وأما الأعراض فمغايرة للجواهر بذواتها بالغيرة فيها وكذلك هذه أيضا بعضها مغاير لبعض بذواتها وبعضها مفارق لبعض بذواتها وإن كان بعض الأعراض أيضا قد تحمل الأعراض كقولنا حمرة مشرقة وحمرة كدرة وعمل سيئ وعمل صالح وقوة شديدة وقوة دونها في الشدة ومثل هذا كثير الا إن كل هذا يقف في عدد متناه لا يزيد وهذا أمر يعلم بالحس والعقل فالمتحرك يفارق الساكن هذا بحركته وهذا بسكونه والحركة تفارق السكون بذاتها ويفارقها السكون بذاته وبالنوعية والغيرية والحركة إلى الشرق تفارق الحركة إلى الغرب يكون هذه إلى الشرق وكون هذه إلى الغرب بذاته وبالغيرية فقط وهكذا في كل شيء فكل شيئين وقعا تحت نوع واحد مما يلي الأشخاص فإنهما يختلفان بغيرتهما فإن كانا وقعا تحت نوعين فإنهما يختلفان بالغيرية في الشخص وبالغيرية في النوع أيضا والغيرية أيضا لها نوع جامع لجميع أشخاصها الآن ان كل ذلك واقف عند حد من العدد لا يزيد ولا بد ثم نسألهم خبرونا عن المعاني التي تدعونها في حركة واحدة أيما أكثر أهي أم المعاني التي تدعونها في حركتين فإن أثبتوا قلة وكثرة تركوا مذهبهم وأوجبوا النهاية في المعاني التي نفوا لنهاية عنها وإن قالوا لا قلة ولا كثرة ها هنا كابروا وأتوا بالمحال الناقض أيضا لأقوالهم لأنهم إذا أوجبوا للحركة معنى أوجبوا للحركتين معنيين وهكذا أبدا فوجبت الكثرة والقلة ضرورة لا محيد عنها .
قال أبو محمد فلم يكن لهم جواب أصلا إلا أن بعضهم قال أخبرونا أليس الله تعالى قادرا على آن يخلق في جسم واحد حركات لا نهاية لها .
قال أبو محمد فجواب أهل الإسلام في هذا السؤال نعم وأما من عجزر به فأجابوا بلا فسقط هذا السؤال عنهم وكان سقوط الإسلام عنهم بهذا الجواب أشد من سقوط سؤال أصحاب معمر .
قال أبو محمد فتمادى سؤالهم لأهل الحق فقالوا فأخبرونا أيما أكثر ما يقدر الله تعالى عليه من خلق الحركات في جسمين أو ما يقدر عليه من خلق الحركات في جسم واحد فكان جواب أهل الحق في ذلك أنه لا يقع عدد على معدوم ولا يقع العدد الأعلى موجود معدود والذي يقدر الله تعالى عليه ولم يفعله فليس هو بعد شيئا ولا له عدد ولا هو معدود ولا نهاية لقدرة الله تعالى وأما ما يقدر عليه تعالى ولم يفعله فلا يقال فيه إن له نهاية ولا أنه لا نهاية له وأما كل ما خلق الله تعالى فله نهاية بعد وكذا كل ما يخلق فإذا خلقه حدثت له نهاية حينئذ لا قبل ذلك و أما المعاني التي تدعونها فإنكم تدعون إنها موجودة قائمة فوجب أن يكون لها نهاية فإن نفيتم النهاية عنها لحقتم بأهل الدهر وكلمناكم بما كلمناهم به مما قد ذكرنا قبل وبالله تعالى التوفيق ثم لو تثبت لكم هذه العبارة من قول القائل إن ما يقدر الله تعالى عليه لا نهاية لعدده وهذا لا يصح بل الحق في هذا أن نقول إن الله تعالى قادر على أن يخلق مالا نهاية له في وقت ذي نهاية ومكان ذي نهاية ولو شاء أن يخلق ذلك في وقت غير ذي نهاية ومكان غير ذي نهاية لكان قادرا على كل ذلك لما وجب من ذلك إثبات ما ادعيتم من وجود معان في وقت واحد لا نهاية لها إذ ليس ها هنا عقل يوجب ذلك ولا خبر يوجب ذلك وإنما هو قياس منكم إذ قلتم لما كان قادرا على أن يخلق مالا نهاية له قلنا أنه قد خلق مالا نهاية له فهذا قياس والقياس كله باطل ثم لو كان القياس حقا لكان هذا منه باطلا لأنه بزعمكم