هو بمنزلة شيء مغيب في دار فيقال لهذا المعرض بهذا السؤال الفاسد ما الفرض على الناس فيما في هذه الدار الإقرار بأن فيها رجلا أم الإنكار لذلك فهذا كله لا يلزم منه شيء .
ولم ينزل الله D كتابا قبل القرآن يفرض اقرار بصلب المسيح A ولا بإنكاره وإنما ألزم الفرض بعد نزول القرآن بتكذيب الخبر بصلبه .
فإن قالوا قد نقل الحواريون صلبه وهم أنبياء وعدول .
قيل لهم وبالله التوفيق الناقلون لنبوتهم وأعلامهم ولقولهم بصلبه عليه السلام هم الناقلون عنهم الكذب في نسبه والقول بالتثليث الذي من قال به فهو كاذب على الله تعالى مفتر عليه كافر به فإن كان الناقل لذلك عنهم صادقا أو كانوا كافة فما كان يوحنا ومتى وبولس إلا كفارا كاذبين وما كانوا قط من صالحي الحواريين وإن كان ناقل ما ذكرنا عنهم كاذبا فالكاذب لا يقوم بنقله حجة فبطل التمويه المتقدم والحمد لله رب العالمين .
وقال متكلموهم أن الإتحاد المذكور إنما هو تقليد للإنجيل ولم يكن نقله ولا حركة ولا فارق الباري ولا العلم ما كانا عليه ولا انتقلا فيقال لهم هذا إبطال للإتحاد وقول منكم بأن حظه وحظ غيره في ذلك سواء وخلاف لأمانتكم التي فيها أن الإبن نزل من السماء وتجسد وولد وقتل ودفن .
وقالت طائفة منهم المسيح حجاب الله خاطبه الله تعالى منه فيقال لهم أنتم تقولون أن المسيح رب معبود وإله خالق والحجاب عندكم مخلوق والمسيح عند بعضكم طبيعة واحدة وعند بعضكم طبيعتان ناسوتية ولا هوتية فأخبرونا أتعبدون الطبيعتين معا اللاهوتية والناسوتية أم تعبدون أحدهما دون الأخرى فإن قالوا نعبدهما جميعا أقروا بأنهم يعبدون إنسانا وحجابا مخلوقا مع الله تعالى وهذا أقبح ما يكون من الشرك .
وإن قالوا بل نعبد اللاهوت وحده قيل لهم فإنما تعبدون نصف المسيح لا كله لأنه طبيعتان ولستم تعبدون إلا أحدهما دون الأخرى .
وكذلك يسألون عن موت المسيح وصلبه فمن قول الملكية والنسطورية إن الموت والصلب إنما وقع على الناسوت خاصة .
فيقال لهم فأنتم في قولكم مات المسيح وصلب كاذبون لأنه إنما مات نصفه وصلب نصفه فقط لأن اسم المسيح عندكم واقع على اللاهوت والناسوت كليهما معا لا على أحدهما دون الآخر وكل من قال من اليعقوبية الإنسان والإله شيء واحد فإنه يلزمه أن يعبد إنسانا لأنه إذا عبد الإله والإله هو الإنسان فقد عبد إنسانا وربه إنسان مخلوق .
وكل من قال منهم الإله غير الإنسان فقد أبطل الإتحاد وهكذا يقال لهم في الحجاب مع الله تعالى سواء بسواء ويلزمهم جميعهم إذ قد أقروا بعبادة المسيح هكذا هكذا جملة وأنه رب خالق وفي الإنجيل أنه جاع واكل الخبز والحيتان وعرق وضرب أن ربهم أكل وجاع وأن الإله ضرب ولطم وصلب وكفى بهذا رذالة وفحش وبيان بطلان .
ويقال للملكية واليعقوبية القائلين بأن المسيح ابن الله وابن مريم قد أقررتم أن المسيح إنسان وإله فالإنسان هو ابن الله وابن مريم والإله هو ابن مريم وهذه غاية الشناعة .
فإن قالوا ما تقولون فيما في كتابكم وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب وأنه تعالى كلم موسى من جانب الطور من الشجرة من شاطيء الوادي .
قلنا التكليم قعل الله تعالى مخلوق والحجاب إنما هو للتكليم والتكليم هو الذي حدث في الشجرة وشاطيء الوادي وجانب الطور