وكل ذلك مخلوق محدث وكذلك تحول جبريل عليه السلام في صورة دحية إنما هو أن الله تعالى جعل للملائكة والجن قوة يتحولون بها فيما شاؤا من الصور وكلهم مخلوق تعاقب عليهم الأعراض بخلاف الله تعالى في ذلك .
قال أبو محمد Bه ومما يعترض به على النصارى وإن كان ليس برهانا ضروريا على جميعهم لكنه برهان ضروري على كل من تقلد منهم الشرائع التي يعمل بها الملكيون والنساطرة واليعاقبة والمارقية قاطع لهم وهي مسألة جرت لنا مع بعضهم وذلك أنهم لا يخلون من أحد وجهين إما أن يكونوا يقولون ببطلان النبوة بعد عيسى عليه السلام وإما أن يقولوا بإمكانها بعده عليه السلام .
فإن قالوا بإمكان النبوة بعده عليه السلام .
لزمهم الإقرار بنبوة محمد A إذ ثبت نقل أعلامه بالكواف التي بمثلها نقلت أعلام عيسى وغيره عليهم الصلاة والسلام .
وإن قالوا ببطلان النبوة بعد عيسى عليه السلام .
لزمهم ترك جميع شرائعهم من صلاتهم وتعظيمهم الأحد وصيامهم وامتناعهم من اللحم ومناكحتهم وأعيادهم واستباحتهم الخنزير والميتة والدم وترك الختان وتحريم النكاح على أهل المراكب في دينهم إذ كل ما ذكرنا ليس منه في اناجيلهم الأربعة شيء البتة بل أناجيلهم مبطلة لكل ما هم عليه اليوم إذ فيها أنه عليه السلام قال لم آت لأغير شيئا من شرائع التوراة وإنه كان يلتزم هو وأصحابه بعده السبت وأعياد اليهود من الفصح وغيره بخلاف كل ما هم عليه اليوم فإذا منعوا من وجود النبوة بعده وكانت الشرائع لا تؤخذ إلا عن الأنبياء عليهم السلام وإلا فإن شارعها عن غير الأنبياء عليهم السلام حاكم على الله تعالى وهذا أعظم ما يكون من الشرك والكذب والسخف فشرائعهم التي هي دينهم غير مأخوذة عن نبي أصلا فهي معاص مفتراة على الله D بيقين لا شك فيه .
قال أبو محمد Bه وهذا حين نبدأ بعون الله وتوفيقه وتأييده إن شاء الله لا إله إلا هو في تبيين أن الواحد ليس عددا فنقول وبالله التوفيق إن خاصة العدد هو أن يوجد عدد آخر مساو له وعدد آخر ليس مساويا له هذا شيء لا يخلو من عدد أصلا والمساواة هي أن تكون ابعاضه كلها مساوية له إذا جزئت ألا ترى أن الفرد والفرد مساويان للإثنين وأن الزوج والفرد ليس مساويا للزوج الذي هو الإثنان والخمسة مساوية للإثنين والثلاثة غير مساوية للثلاثة وهكذا كل عدد في العالم فهذا معنى قولنا أن المساوي وغير المساوي هو خاصة العدد وهذه المساواة أردنا لا غيرها فلو كان للواحد ابعاض مساوية له لكان كثيرا بلا شك لأن الواحد المطلق على الحقيقة هو الذي ليس كثيرا هذا ما لاشك فيه عند كل ذي حس سليم .
وكان ما كان له أبعاض فهو كثير بلا شك فهو إذا بالضرورة ليس واحدا فالواحد ضرورة هو الذي لا ابعاض له فإذ لا شك فيه فالواحد الذي لا أبعاض له تساويه ليس عددا وهو الذي أردنا أن نبين وأيضا فإن الحس وضرورة العقل يشهدان بوجود الواحد إذ لو لم يكن الواحد موجودا لم يقدر على عدد أصلا إذ الواحد مبدأ العدد والمعدود الذي لا يوصل إلى عدد ولا معدود إلا بعد