كذب مفترى من أنه تعالى أنزل إلى الأرض ملكين وهما هاروت وماروت وأنهما عصيا الله تعالى وشربا الخمر وحكما بالزور وقتلا النفس وزنيا وعلما زانية اسم الله الأعظم فطارت به إلى السماء فمسخت كوكبا وهي الزهرة وأنهما عذبا في غار ببابل وأنهما يعلمان الناس السحر وحجتهم على ما في هذا الباب خبر رويناه من طريق عمير بن سعيد وهو مجهول مرة يقال له النخعي ومرة يقال له الحنفي ما نعلم له رواية إلا هذه الكذبة وليس أيضا عن رسول الله A ولكنه أوقفها عن علي بن أبي طالب Bه وكذبة أخرى في أن حد الخمر ليس سنة رسول الله A وإنما هو شيء فعلوه وحاشا لهم Bهم من هذا .
قال أبو محمد ومن البرهان على بطلان هذا كله قول الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين فقطع الله D أن الملائكة لا تنزل إلا بالحق وليس شرب الخمر ولا الزنا ولا قتل النفس المحرمة ولا تعليم العواهر أسماءه D التي يرتفع بها إلى السماء ولا السحر من الحق بل كل ذلك من الباطل ونحن نشهد أن الملائكة ما نزلت قط بشيء من هذه الفواحش والباطل وإذا لم تنزل به فقد بطل أن تفعله لأنها لو فعلته في الأرض لنزلت به وهذا باطل وشهد D أنه لو أنزل علينا الملائكة لما نظرنا فصح أنه لم ينزل قط ملك ظاهر إلا للنبي بالوحي فقط وبالله تعالى التوفيق .
قال أبو محمد وكذلك قوله تعالى ولو جعلنا ملكا لجعلناه رجلا فأبطل D أنه يمكن ظهور ملك إلى الناس وقال تعالى ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون فكذب الله D كل من قال أن ملكا نزل قط من السماء ظاهرا إلا إلى الأنبياء بالحق من عند الله D فقط وقال D وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين الآية فرفع الله تعالى الإشكال بهذا النص في هذه المسألة وقرن D نزول الملائكة في الدنيا برؤيته D فيها فصح ضرورة أن نزولهم في الدنيا إلى غير الأنبياء ممتنع البتة لا يجوز وأن من قال ذلك فقد قال حجرا محجورا أي ممتنعا وظهر بها كذب من ادعى أن ملكين نزلا إلى الناس فعلماهم السحر وقد استعظم الله D ذلك من رغبة من رغب نزول الملائكة إلى الناس وسمى هذا الفعل استكبارا وعتوا وأخبر D أننا لا نرى الملائكة أبدا إلى يوم القيامة فقط وأنه لا بشرى يومئذ للمجرمين فإذ لا شك في هذا كله فقد علمنا ضرورة أنه لا يخلو من أحد وجهين لا ثالث لهما كما قدمنا قبل أما أن هاروت وماروت لم يكونا ملكين وأن ما في قوله وما أنزل على الملكين نفي لأن