كان النبي متعبدا بشريعة ما فقد أبطلنا آنفا أن يكون نبي يعصي ربه أصلا وإن كان نشأ في قوم دثرت شريعتهم فهو غير متعبد ولا ماءمور بما لم يأته أمر الله تعالى به بعد فليس عاصيا لله تعالى في شئ يفعله أو يتركه الإ أننا ندري أن الله D قد طهر أنبياء وصانهم من كل ما يعابون به لأن العيب أذى وقد حرم الله D أن يؤذى رسوله قال تعالى إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا .
قال أبو محمد فبيقين ندري أن الله تعالى صان أنبياءه عن أن يكونوا لبغية أو من أولاد بغى أو من بغايا بل بعثهم الله تعالى في حسب قومهم فإذا لا شك في هذا فبيقين ندري أن اله تعالى عصمهم قبل النبوة من كل ما يؤذون به بعد النبوة فدخل في ذلك السرقة والعدوان والقسوة والزنا واللياطة والبغي وأذىالناس في حريمهم وأموالهم وأنفسهم وكل ما يعاب به المرء ويتشكى منه ويؤذى بذكره وقد صح عن النبي A في هذا ما حدثناه أحمد بن محمد الطلمنكى أنا إبن فرج أنا ابراهيم بن أحمد فراس أنبانا أحمد بن محمد بن سالم النيسابوري أنا إسحاق بن راهويه أنا وهب بن جرير بن حازم أنا أبي أنبانا محمدبن أسحاق حدثنى محمد بن عبدالله بن قيس بن مخرمة عن الحسن بن محمد بن علي بن أبى طالب قال سمعت رسول الله A يقول ما هممت بقبيح مما كان أهل الجاهلية يهمون به الا مرتين من الدهر كلتاهما يعصمنى الله منها قلت لفتى كان معي من قريش باعلي مكة في أغنام لها ترعى أبصر لي غنمي حتى أسمر هذه الليلة بمكة كما يسمر الفتيان قال نعم فلما خرجت فجئت أدنى دار من دور مكة سمعت غناء وصوت دفوف وزمير فقلت ما هذا قالوا فلان تزوج فلانه لرجل من قريش فلهوث بذلك الغناء وبذلك الصوت حتى غلبتنى عينى فما أيقظني ألامس الشمس فرجعت إلى صاحبى فقال لى ما فعلت فأخبرته ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك ففعل فخرجت فسمعت مثل ذلك فقيل لي مثل ما قيل لي فلهوت بما سمعت حتى غلبتني عيني فما أيقظني إلا مس الشمس فرجعت إلى صاحبي فقال لي ما فعلت قلت ما فعلت شيئا فوالله ما هممت بعدها بسوء مما يعمل أهل الجاهلية حتى أكرمني الله بنبوته .
قال أبو محمد فصح أنه عليه السلام لم يعص قط بكبيرة ولا بصغيرة لا قبل النبوة ولا بعدها ولا هم قط بمعصية صغرت أو كبرت لا قبل النبوة ولا بعدها إلا مرتين بالسمر حيث ربما كان بعض ما لم يكن نهى عنه بعد والهم حينئذ بالسمر ليس هما بزنا ولكنه بما يحذو إليه طبع البرية من استحسان منظر حسن فقط وبالله تعالى التوفيق تم الكلام في الأنبياء عليهم السلام .
الكلام في الملائكة عليهم السلام .
قال أبو محمد قد ذكرنا قبل أمر هاروت وماروت ونزيدها هنا بيانا في ذلك وبالله تعالى التوفيق أن قوما نسبوا إلى الله تعالى ما لم يأت به قط أثر يجب أن يشتغل به وإنما هو