قولنا أنه تعالى فعل ما سبق في علمه من تكليف مالا يطاق ومن خلقه تعالى الكفر والظلم وأنعامه على من شاء وحده لا شريك له وتركوا قولهم في الأصلح وإن قالوا لا يقدر على غير ما علم أن يفعله جعلوه محيرا مضطرا عاجزا متناهي القوة ضعيف القدرة محدثا في أسوأ حالة منهم وهكذا كفر وخلاف للقرآن ولإجماع المسلمين نعوذ بالله من الخذلان .
قال أبو محمد ونسألهم أي مصلحة للحشرات والكلاب والبق والدود في خلقها حشرات ولم يخلقها ناسا مكلفين معرضين لدخول الجنة فإن قالوا لو جعلها ناسا لكفروا قيل لهم فقد جعل الكفار ناسا فكفروا فهلا نظر لهم كما نظر للدود والحشرات فجعلهم حشرات لئلا يكفروا فكان أصلح لهم على قولكم وهذا ما لا مخلص منه .
قال أبو محمد ونسألهم فنقول لهم إذا قلتم أن الله تعالى لا يقدر على لطف لو أتي به الكفار لأمنوا إيمانا يستحقون معه الجنة لكنه قادر على أن لا يضطرهم إلى الإيمان أخبرونا عن إيمانكم الذي تستحقون به الثواب هل يشوبه عندكم شك أم يمكن بوجه من الوجوه أن يكون عندكم باطلا فإن قالوا نعم يشوبه شك ويمكن أن يكون باطلا أقروا على أنفسهم بالكفر وكفونا مؤنتهم وإن قالوا لا يشوبه شك ولا يمكن البتة أن يكون باطلا قلنا لهم هذا هو الإضطرار بعينه ليست الضرورة في العلم شيئا غير هذا إنما هو معرفة لا يشوبها شك لا يمكن اختلاف ما عرف بها فهذا هو علم الضرورة نفسه وما عدا هذا فهو ظن وشك فإن قالوا أن الإضطرار ما علم بالحواس أو بأول العقل وما عداه فهو ما عرف بالإستدلال قلنا هذه دعوى فاسدة لأنها بلا برهان وما كان هكذا فهو باطل وتقسيمنا هو الحق الذي يعرف ضرورة وبالله تعالى التوفيق .
قال أبو محمد ونسألهم أيما كان أصلح للعالم أن يكون بريا من السباع والأفاعي والدواب العادية أو أن يكون فيه كما هي مسلطة على الناس وعلى سائر الحيوان وعلى الأطفال فإن قالوا خلق الله الأفاعي والسباع كخلق الحفر والحرث ومزجرة للكفار .
قال أبو محمد وهذا من ظريف الجنون ولقد ضل بخلقتها جمع من المخذولين ممن جرى مجرى المعتزلة في أن يتعقبوا على الله D فعله كالمنانية والمجوس اللذين جعلوا الها خالقا غير الحكيم العدل ثم نقول للمعتزلة إن كانت كما تقولون مصلحة فكان الإستكثار من المصلحة أصلح وأبلغ في الزجر والتحريف وكل هذه الدعاوي منهم حماقات ومكابرات بلا برهان ليست أجوبتهم فيها بأصلح من أجوبة المنانية والمجوس وأصحاب التناسخ بل كلها جارية في ميدان واحد من أنها كلها دعوى فاسدة بلا برهان بل البرهان ينقضها وكلها راجعة إلى أصل واحد وهو تعليل أفعال الله D الذي لا علة لها أصلا والحكم عليه بمثل الحكم على خلقه فيم يحسن منه ويقبح تعالى الله عن ذلك .
قال أبو محمد ويقال لأصحاب الأصلح خاصة ما معنى دعائكم في العصمة وأنتم تقولون أن الله تعالى قد عصم الكفار كما عصم المؤمنين فلم يعتصموا وما معنى دعائكم في الإعادة من الخذلان وفي الرغبة في التوفيق وأنتم تقولون أنه ليس عنده أفضل مما قد أعطاكموه ولا في قدرته زيادة على ما قد فعله بكم وأي معنى لدعائكم في التوبة وأنتم تقطعون على أنه لا يقدر على أن يعينكم في ذلك بمقدار شعرة زائدة على ما قد أعطاكموه فهل دعاؤكم في ذلك الإضلال وهزل وهزء كمن دعا إلى الله أن يجعله من بني آدم أو أن يجعل النبي