في العقل فعل أصول المعتزلة يلزمهم أن بقاء أحدنا في الجنة أو في النار أكثر من إحسانه أو إساءته جزاء على ما سلف منه فضل مجرد وعقاب زايد على مقدار الجرم وقد فعله الله D بلا شك وهو عدل وحكمة وحق .
قال أبو محمد وأما قولهم أن دخول الجنة على وجه الجزاء على العمل أعلى درجة أسنى رتبة من دخولها بالتفضل المجرد فنقول لهم وبالله تعالى التوفيق هذا خطأ محض لا نناقد علمنا إن هذا الحكم إنما يقع بين الأكفاء والمتماثلين وأما الله تعالى فليس له كفوا أحد ومن كان عبدا لآخر فإن إقبال السيد عليه بالتفضل عليه المجرد والإختصاص والمحاباة أسنى له وأعلى وأشرف لرتبته وأرفع لدرجته من أن لا يعطيه شيئا بمقدار ما يستحقه لخدمته ويستخبره إياه هذا ما ينكره إلا معاند فكيف وليس لأحد على الله حق وحينئذ كل ما وهبه الله تعالى لأحد بين أنبيائه وملائكته عليهم السلام وكل ما أخبر تعالى أنه أوجبه وكتبه على نفسه وجعله حقا لعباده فكل ذلك تفضل مجرد من الله D واختصاص مبدأ لو لم ينعم به D لم يجب عليه شيء منه لا يقول غير هذا إلا مدخول الدين فاسد العقل .
قال أبو محمد وهم يقرون أن الملائكة أفضل من الأنبياء عليهم جميعهم السلام وصدقوا في هذا ثم نقضوا هذا الأصل بأصلهم هذا السخيف من قولهم أن من دخل الجنة بعد التعريض للبلاء فهو أفضل من ابتداء النعمة والتقريب فنحن على قولهم أفضل من الملائكة على جميعهم السلام وقد قالوا أن الملائكة أفضل من الأنبياء فعلى هذا التقريب أن يكون نحن أفضل من الملائكة بدرجة وأفضل من النبيين بدرجتين وهذا كفر مجرد وتناقض ظاهر وأما قولهم أننا لو خلقنا في الجنة لم يكن بد من التوعد والتحذر فإننا نقول لهم وبالله تعالى ا لتوفيق حتى لو كان ما يقولون لما منع من ذلك أن يخلقوا في الجنة ثم يطلعوا منها فيروا النار ويعاينوا وحشتها وهو لها وقبحها ونفار النفوس عنها كالذي يعرض لنا عند الإطلاع على الغيران العقيمة المظلمة وإن كنا قط لم نقع فيها ولا شاهدنا من وقع فيها أبل ذلك كأن يكون أبلغ في التحذير من وصفها دون رؤية لكن كما فعل بالملائكة وحور العين فيكون ذلك أدعى لهم إلى الشكر والحمد والإغتباط بمكانهم واجتناب ما نهو عنه خوف مفارقة ما قد حصلوا عليه ثم نقول لهم أيضا قولوا هذا فهم بعد دخولهم الجنة أمباح لهم الكفر والشتم والضرب فيما بينهم أم محظور عليهم لزمهم تمادي التوعد والتحذير هنالك قلنا نكون لو اخترعنا فيها على الحال التي تكون فيها يوم القيامة ولا فرق وكان يكون أصلح لجميعنا بلا شك فإن قالوا قد سبقت الطاعة في الدنيا قيل لهم وكذلك كانت تسبق منهم في الجنة كالملائكة سواء بسواء وهم لا يقولون أن المعاصي والتضارب والتلاطم والتراكض والتشاتم مباح لهم في الجنة ولا يقولون هذا أحد فيحتاج إلى كسر هذا القول فإن لجؤا إلى قول أبي الهذيل أن أهل الجنة مضطرون لا مختارون قيل لهم وكنا نكون فيها كذلك أيضا كما نكون يوم القيامة فيها فهذا أكان أصلح للجميع بلا شك وهذا ما لا إنفكاك لهم منه .
قال أبو محمد وأما قولهم أن الله علم أن بعضهم يكفر ولا بد فيجب عليه الخروج من الجنة قلنا لهم أيقدر الله على خلاف ما علم أم لا فإن قالوا نعم يقدر ولكن لا يفعل أقروا أنه فعل من ترك ابتدائنا في الجنة إمضاء لما سبق في علمه غير ما كان أصلح لنا بلا شك ورجعوا إلى الحق الذي هو