يقل الله D أنه أفنانا بعد ذلك ونص تعالى على أنه خلق الأرض والماء حينئذ بقوله تعالى إنه جعل من الماء كل شئ حي وقوله تعالى خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش وأخبر D أنه خلقنا من طين والطين هو التراب وإنما خلق تعالى من ذلك أجسامنا فصح إن عنصر أجسامنا مخلوق منذ أول خلقه تعالى السموات وإن أرواحنا وهى أنفسنا مخلوقة منذ أخذ الله تعالى عليها العهد وهكذا قال تعالى ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم وثم توجب في اللغة التى بها نزل القرآن التعقيب بمهلة ثم يصور الله تعالى من الطين أجسامنا من اللحم والدم والعظام بأن يحيل أعراض التراب والماء وصفاتهما فتصير نباتا وحبا وثمارا يتغذى بها فتستحيل فينا لحما وعظما ودما وعصبا وجلدا وغضاريف وشعرا ودماغا ونخاعا وعروقا وعضلا وشحما ومنيا ولبنا فقط وكذلك تعود أجسامنا بعد الموت ترابا ولا بد وتصعد رطوباتها المائية وأما جمع الله تعالى الأنفس إلى الأجساد فهي الحياة الأولى بعد افتراقها الذي هو الموت الأول فتبقى كذلك في عالم الدنيا الذي هو عالم الإبتلاء ما شاء الله تعالى ثم ينقلنا بالموت الثاني الذي هو فراق الأنفس للأجساد ثانية إلى البرزخ الذي تقيم فيه الأنفس إلى يوم القيامة وتعود أجسامنا ترابا كما قلنا ثم يجمع الله D يوم القيامة بين أنفسناوأجسادنا التي كانت بعد أن يعيدها وينشرها من القبور وهي المواضع التي استقرت أجزاؤها فيها لا يعلمها غيره ولا يحصيها سواه D لا إله إلا هو فهذه الحياة الثانية التي لا تبيد أبدا ويخلد الإنس والجن مؤمنهم في الجنة بلا نهاية وكافرهم في النار بلا نهاية وأما الملائكة وحور العين فكلهم في الجنة خلقوا من النور وفيها يبقون أبدا بلا نهاية ولم ينقلوا عنها قطولا ينقلون هذا كله نص قول الله D إذ يقول كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم وإذ يقول الله تعالى مصدقا للقائلين ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فلا يشذ عن هذا أحد إلا من أبانه الله تعالى بمعجزة ظهرت فيه كمن أحياه الله D آية لنبي كالمسيح عليه السلام وكالذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم فهؤلاء والذي أماته الله مائة عام ثم أحياه كلهم ماتوا ثلاث موتات وحيوا ثلاث مرات وأما من ظن أن الصعقة التي تكون يوم القيامة موت فقد أخطأ بعض القرآن الذي ذكرنا لأنها كانت تكون حينئذ لكل أحد ثلاث موتات وثلاث إحياآت وهذا كذب وباطل وخلاف للقرآن وقد بين D هذا نصا فقال تعالى ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله فبين تعالى أن تلك الصعقة إنما هي فزع لا موت وبين ذلك بقوله تعالى في سورة الزمر ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء الآية فبين تعالى أن تلك الصعقة مستثنى منها من شاء الله D وفسر بها الآية التي ذكرنا قبل وبينت أنها فزعة لا موتة وكذلك فسرها النبي E بأنه أول من يقوم فيرى موسى عليه السلام قائما فلا يدري أكان ممن صعق فأفاق أم جوزى بصعقة الطور فسماها إفاقة ولو كانت موتة ما سماها إفاقة بل إحياء فكذلك كانت صعقة موسى E يوم الطور فزعة لا موتا قال تعالى وخر