وأيضا فقد كان D قادرا على أن يجعل غذاءنا في غير الحيوان لكن في النبات والثمار كعيش كثير من الناس في الدنيا لا يأكلون لحما فما ضرهم ذلك في عيشهم شيئا فهل هاهنا إلا أن الله تعالى لا يجوز الحكم على أفعاله بما يحكم به على أفعالنا لأننا مأمورون منهيون وهو تعالى أمرنا لا مأمور ولا منهي فكل ما فعل فهو عدل وحكمة وحق وكل ما فعلناه فإنه وافق أمره D كان عدلا وحقا وإن خالف أمره D كان جورا وظلما .
قال أبو محمد وأما الحيوان فإن قولنا فيه هو نص ما قاله الله D ورسوله A إذ يقول D وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون وقال D وإذا الوحوش حشرت فنحن موقنون أن الوحوش كلها وجميع الدواب والطير تحشر كلها يوم القيامة كما شاء الله تعالى ولما شاء D وأما نحن فلا ندري لماذا والله أعلم بكل شيء وقال رسول الله A أنه يقتص يومئذ للشاة الجماء من الشاة القرناء فنحن نقر بهذا وبأنه يقتص يومئذ للشاة الجماء من الشاة القرناء ولا ندري ما يفعل الله بهما بعد ذلك إلا أنا ندري يقينا أنها لا تعذب بالنار لأن الله تعالى قال لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى وبيقين ندري أن هذه الصفة ليست إلا في الجن والإنس خاصة ولا علم لنا إلا ما علمنا الله تعالى وقد أيقنا أن سائر الحيوان الذي في هذا العالم ما عدا الملائكة والحور والإنس والجن فإنه غير متعبد بشريعته وأما الجنة فإن رسول الله A قال لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة والحيوان حاشى من ذكرنا لا يقع عليهم اسم مسلمين لان المسلم هو المتعبد بالاسلام والحيوان المذكور غير متعبد بشرع فان قال قائل انكم تقولون ان اطفال المسلمين واطفال المشركين كلهم في الجنة فهل يقع على هؤلاء اسم مسلمين فجوابنا وبالله تعالى التوفيق ان نقول نعم كلهم مسلمون بلاشك لقول الله تعالى واذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم واشهدهم على انفسهم ألست بربكم قالوا بلى وقوله تعالى فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ولقول رسول الله A كل مولود يولد على الفطرة وروى على الملة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه أو يشركانه ولقوله A عن الله D اني خلقت عبادي حنفاء كلهم فاجتالتهم الشياطين عن دينهم فصح لهم كلهم اسم الاسلام والحمد لله رب العالمين وقد نص عليه السلام على انه رأى كل من مات طفلا من أولاد المشركين وغيرهم في روضة مع ابراهيم خليل الله A وأما المجانين ومن مات في الفترة ولم تبلغه دعوة نبي ومن إدركه الاسلام وقد هرم أو أصم لا يسمع فقد صح عن رسول الله A أنه تبعث لهم يوم القيامة نار موقدة ويؤمرون بدخولها فمن دخلها كانت عليه برد أو دخل الجنة أو كلا ما هذا معناه فنحن نؤمن بهذا ونقر به ولا علم لنا الا ما علمنا الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه و سلم .
قال أبو محمد وإذ بلغ الكلام ها هنا فلنصله إن شاء الله تعالى راغبين في الأجر من الله D على بيان الحق فنقول وبالله تعالى نتأيد أن الله تعالى قد نص كما ذكرنا أنه آخذ من بنى آدم من ظهورهم ذرياتهم وهذا نص جلى على إنه D خلق أنفسنا كلها من عهد آدم عليه السلام لأن الأجساد حينئذ بلا شك كانت ترابا وماء وأيضا فإن المكلف المخاطب إنما هو النفس لا الجسد فصح يقينا أن نفوس كل من يكون من بني آدم إلى يوم القيامة كانت موجودة مخلوقة حين خلق آدم بلا شك ولم