يستطيعون أن الله D فضل بني آدم على كثير ممن خلق قال تعالى تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وقال تعالى ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وقال تعالى ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا وهو المحاباة بعينها التي هي عند المعتزلة جور وظلم فيقال لهم على أصلكم الفاسد هلا رزق الله العقل سائر الحيوان فيعرضهم بذلك للمراتب السنية التي عرض لها بني آدم وهلا ساوى بين الحيوان وبيننا في أن لا يعرضنا كلنا للمهالك والفتن فهل هذا إلا محاباة مجردة وفعل لما يشاء لا معقب لحكمه لا يسأل عما يفعل .
قال أبو محمد وقد ذكر بعضهم أن الله تعالى قبح في عقول بني آدم أكل ما يعطيهم وأكل أموال غيرهم ولم يقبح ذلك في عقول الحيوان .
قال أبو محمد فأقر هذا الجاهل لأن الله تعالى هو المقبح والمحسن فإذ ذلك كذلك فلا قبيح إلا ما قبح الله ولا محسن إلا ما حسن وهذا قولنا ولم يقبح الله تعالى قط خلقه لما خلق وإنما قبح منا كون ذلك الذي خلق من المعاصي فينا فقط وبالله تعالى التوفيق وإن الأمر لا بين من ذلك ألم تروا أن الله خلق الحيوان فجعل بعضه أفضل من بعض بلا عمل أصلا ففضل ناقة صالح عليه السلام على سائر النوق نعم وعلى نوق الأنبياء الذين هم أفضل من صالح وإنما أتينا بهذا لئلا يقولوا أنه تعالى إنما فضلها تفضيلا لصالح عليه السلام وجعل تعالى الكلب مضروبا به المثل في الخساسة والرزالة وجعل القردة والخنازير معذبا بعض من عصاه بتصويره في صورتها فلولا أن صورتها عذاب ونكال ما جعل القلب في صورتها أشد ما يكون من عذاب الدنيا ونكالها وجعل بعض الحيوان متقربا إلى الله D بذبحه وبعضه محرما ذبحه وبعضه مأواه الرياض والأشجار والخضر وبعضه مأواه الحشوش والرداع والدبر وبعضه قويا وبعضه ضعيفا منتفعا به في الأودية وبعضه سما قاتلا وبعضه قويا على الخلاص ممن أراد بطير انه وعدوه أو قوته وبعضه مهينا لا مخلص عنده وبعضه خيلا في نواصيها الخير يجاهد عليها العدو وبعضه سباعا ضارية مسلطة في سائر الحيوان ذاعرة لها قاتلة لها آكلة لها وجعل سائر الحيوان لا ينقصر منها وبعضها حياة عادية مهلكة وبعضه مأكولا على كل حال فأي ذنب كان لبعضه حتى سلط عليه غيره فأكله وقتله وأبيح ذبحه وقتله وإن لم يؤكل كالقمل والبراغيث والبق والوزغ وسائر الهوام ونهى عن قتل النحل وعن قتل الصيد في الحرمين والإحرام وأباحه في غير الحرمين والإحرام فإن قالوا إن الله تعالى يعوض ما أباح ذبحه وقتله منها قيل له فهلا أباح ذلك فيما حرم قتله ليعوضه أيضا وهذه محاباة لا شك فيها مع أنه في المعهود من المعقول عين العبث إلا أن يقولوا أنه تعالى لا يقدر على نعيمها إلا بتقديم الأذى فإنهم لا ينفكون بهذا من المحاباة لها على من لم يبح ذلك فيها من سائر الحيوان مع أنه تعجيز لله D ويقال لهم مالذي عجزه عن ذلك وأقدره على تنعيم من تقدم له الأذى في الدنيا أطبيعة فيه جارية على بنيتها أم فوقه واهب له تلك القدرة ولا بد من أحد هذين القولين كلاهما كفر مجرد وأيضا فإن قولهم يبطل بتنعيم الله D الأطفال الذين ولدوا احياء وماتوا من وقتهم دون ألم سلف لهم ولا تعذيب فهلا فعل بجميع الحيوان كذلك على أصولكم