ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى .
فقد انتفى عن الله D هذا الظلم حقا ولقد كان على أصولهم الفاسدة تعذيبه الطغاة وايلامه البغاة ليعظ بذلك غيرهم أدخل في العدل والحكمة من أن يؤلم طفلا أو حيوانا لا ذنب لهما ليعظ بذلك آخرين بل لعل هذا الوجه قد صار سبيلا إلى كفر كثير من الناس وأجاب بعضهم في ذلك بأن قال إنما فعل ذلك D بالأطفال ليؤجر آباءهم .
قال أبو محمد وهذا كالذي قبله في الجور سواء بسواء أن يؤذي من لا ذنب له لياجر بذلك مذنبا أو غير مذنب حاشا لله من هذا إلا أن في هذا مزية من التناقض لأن هذا التعليل ينقض عليهم في أولاد الكفار وأولاد الزنا ممن قد ماتت أمه وفي اليتامى من آبائهم وأمهاتهم ورب طفل قد قتل الكفار أو الفساق أباه وأمه وترك هو بدار مضيعة حتى مات هزلا أو أكلته السباع فليت شعري من وعظ بهذا أو من أوجز به مع أن هذا مما لم يجدوه يحسن بيننا البتة بوجه من الوجوه يعني أن نؤذي إنسان لا نب له لينتفع بذلك آخرون وهم يقولون أن الله تعالى فعل هذا فكان حسنا وحكمة ولجأ بعضهم إلى أن قال أن الله D في هذا سرا من الحكمة والعدل يوقن به وإن كنا لا نعلم لما هو ولا كيف هو .
قال أبو محمد وإذ قد بلغوا ها هنا فقد قرب أمرهم بعون الله تعالى وهو أنه يلزمهم تصديق من يقول لهم ولله تعالى في تكليف من لا يستطيع ثم تعذيبه عليه سر من الحكمة يوقن به ولا نعلمه .
قال أبو محمد وأما نحن فلا نقول بهذا بل نقول أنه لا سر هاهنا أصلا بل كل ذلك كما هو عدل من الله D لا من غيره ولله الحجة البالغة لا يسأل عما يفعل وهم يسألون .
قال أبو محمد ولجأت طائفتان منهم إلى أمرين أحدهما قول بكر بن أخت عبد الواحد بن يزيد فإنه قال أن الأطفال لا يألمون البتة .
قال أبو محمد ولا ندري لعله يقول مثل ذلك في الحيوان .
قال أبو محمد وهذا انقطاع سمج ولجاج في الباطل قبيح ودفع للعيان والحس وكل أحد منا قد كان صغيرا ويوقن أننا كنا نألم الألم الشديد الذي لا طاقة لنا بالصبر عليه والثانية أحمد بن حابظ البصري والفضل الحربي وكلاهما من تلاميذ النظام فإنهما قالا أن أرواح الأطفال وأرواح الحيوان كانت في أجساد قوم عصاة فعوقبت بأن ركبت في أجساد الأطفال والحيوان لتؤلم عقوبة لها .
قال أبو محمد ومن هرب عن الإذعان للحق أو عن الإقرار بالإنقطاع إلى الكفر والخروج عن الإسلام فقد بلغ إلى حالة ما كنا نريد أن يبلغها لكن إذا آثر الكفر فإلى لعنة الله وحر سعيره ونعوذ بالله من الخذلان وإنما كلامنا هذا مع من يتقي مخالفة الإسلام فأما أهل الكفر فقد تم والله الحمد إبطالنا لقولهم وقد أبطلنا قول أصحاب التناسخ في صدر كتابنا هذا والحمد لله فأغنى عن إعادته وإذا بلغ خصمنا إلى مكابرة الحس أو إلى مفارقة الإسلام فقد انقطع وظهر باطل قوله ولله تعالى الحمد .
قال أبو محمد فإن لجؤا إلى قول معمر والجاحظ وقالوا أن آلام الأطفال هي فعل الطبيعة لا فعل الله تعالى لم يتخلصوا بذلك من الإنقطاع بل نقول لهم هل الله D قادر على معارضة