فرعون بني إسرائيل ولم يدركوهم ولا شك في أن ما نفاه الله تعالى D فهو غير الذي أثبته فالإدراك غير الرؤية والحجة لقولنا هو قول الله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة واعترض بعض المعتزلة وهو أبو علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي فقال أن إلى ها هنا ليست حرف جر لكنها اسم وهي واحدة الآلاء وهي النعم فهي في موضع مفعول ومعناه نعم ربها منتظرة .
قال أبو محمد وهذا بعيد لوجهين أحدهما ان الله تعالى أخبر أن تلك الوجوه قد حصلت لها النضرة وهي النعمة والنعمة نعمة فإذا حصلت لها النعمة فبعيد أن ينتظر ما قد حصل لها وإنما ينتظر ما لم يقع بعد والثاني تواتر الأخبار عن النبي A ببيان أن المراد بالنظر هو الرؤية لا ما تأوله المتأولون وقال بعضهم أن معناها إلى ثواب ربها ناظرة أي منتظرة .
قال أبو محمد هذا فاسد جدا لأنه لا يقال في اللغة نظرت إلى فلان بمعنى انتظرته .
قال أبو محمد وحمل الكلام على ظاهره الذي وضع له في اللغة فرض لا يجوز تعديه إلا بنص أو إجماع لأن من فعل غير ذلك أفسد الحقائق كلها والشرائع كلها والمعقول كله فإن قال قائل أن حمل اللفظ على المعهود أولى من حمله على غير المعهود قيل له الأولى في ذلك حمل الأمور علىمعهودها في اللغة ما لم يمنع من ذلك نص أو إجماع أو ضرورة لم يأت نص ولا إجماع ولا ضرورة تمنع ما ذكرنا في معنى النظر وقد وافقتنا المعتزلة على أنه لا عالم عندنا إلا بضمير وأنه لا فعال إلا بمعاناة ولا رحيم إلا برقة قلب ثم أجمعوا على أن الله تعالى عالم بكل ما يكون بلا ضمير وأنه D فعال بلا معاناة ورحيم بلا رقة فأي فرق بين تجويزهم ما ذكرنا وبين تجويزهم رؤية ونظرا بقوة غير القوة المعهودة لولا الخذلان ومخالفة القرآن والسنن نعوذ بالله من ذلك وقد قال بعض المعتزلة أخبرونا إذا رؤى الباري أكله يرى أم بعضه .
قال أبو محمد وهذا سؤال تعلموه من الملحدين إذ سألونا نحن والمعتزلة فقالوا إذا علمتم الباري تعالى أكله تعلمونه أم بعضه .
قال أبو محمد وهذا سؤال فاسد مغالط به لأنهم أثبتوا كلا وبعضا حيث لا كل ولا بعض والكل والبعض لا يقعان إلا في ذي نهاية والباري تعالى خالق النهاية والمتناهي فهو D لا متناه ولا نهاية فلا كل له ولا بعض .
قال أبو محمد والآية المذكورة والأحاديث الصحاح مأثورة في رؤية الله تعالى يوم القيامة موجبة القبول لتظاهرها وتباع ديا الناقلين لها ورؤية الله D يوم القيامة كرامة للمؤمنين لا أحرمنا الله ذلك بفضله ومحال أن تكون هذه الرؤية رؤية القلب لأن جميع العارفين به تعالى يرونه في الدنيا بقلوبهم وكذلك الكفار في الآخرة بلا شك فإن قال قائل إنما أخبر تعالى بالرؤية عن الوجه قيل وبالله تعالى التوفيق معروف في اللغة التي بها خوطبنا أن تنسب الرؤية إلى الوجه والمراد بها العين قال بعض الأعراب ... أنافس من ناجاك مقدار لفظة ... وتعتاد نفسي إن نات عنك معينها ... وإن وجوها يصطحبن بنظرة ... إليك لمحسود عليك عيونها ... .
الكلام في القرآن وهو القول في كلام الله تعالى