بسم الله الرحمن الرحيم الكلام في الرؤية .
قال أبو محمد ذهبت المعتزلة وجهم بن صفوان إلى أن الله تعالى لا يرى في الآخرة وقد روينا هذا القول عن مجاهد وعذرة في ذلك أن الخبر لم يبلغ إليه وروينا هذا القول أيضا عن الحسن البصري وعكرمة وقد روى عن عكرمة والحسن إيجاب الرؤية له تعالى وذهبت المجسمة إلى أن الله تعالى يرى في الدنيا والآخرة وذهب جمهور أهل السنة والمرجئة وضرار بن عمرو من المعتزلة إلى أن الله تعالى يرى في الآخرة ولا يرى في الدنيا أصلا وقال الحسن بن محمد النجار هو جائز ولم يقطع به .
قال أبو محمد اما قول المجسمة ففاسد بما تقدم من كلامنا في هذا الكتاب والحمد لله رب العالمين وعمدة من أنكر أن الرؤيا المعهودة عندنا لا تقع إلا على الألوان لا على ما عداها البتة وهذا مبعد عن الباري D وقد احتج من أنكر الرؤية علينا بهذه الحجة بعينها وهذا سوء وضع منهم لأننا لم نقل قط يتجويز هذه الرؤية على الباري D وإنما قلنا أنه تعالى يرى في الآخرة بقوة غير هذه القوة الموضوعة في العين الآن لكن بقوة موهوبة من الله تعالى وقد سماها بعض القائلين بهذا القول الحاسة السادسة وبيان ذلك أننا نعلم الله D بقلوبنا علما صحيحا هذا ما لا شك فيه فيضع الله تعالى في الإبصار قوة تشاهد بها الله وترى بها كالتي وضع في الدنيا في القلب وكالتي وضعها الله D في أذن موسى A حتى شاهد الله وسمعه مكلما له واحتجت المعتزلة بقول الله D لا تدركه الأبصار .
قال ابو محمد هذا لا حجة لهم فيه لأن الله تعالى إنما نفى الإدراك والإدراك عندنا في اللغة معنى زائد على النظر والرؤية وهو معنى الإحاطة وليس هذا المعنى في النظر والرؤية فالإدراك منفي عن الله تعالى على كل حال في الدنيا والآخرة برهان ذلك قول الله D فلما ترآى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين .
ففرق الله D بين الإدراك والرؤية فرقا جليا لأنه تعالى أثبت الرؤية بقوله فلما ترآى الجمعان وأخبر تعالىأنه رأى بعضهم بعضا فصحت منهم الرؤيا لبني إسرائيل ونفى الله الإدراك بقول موسى عليه السلام لهم كلا إن معي ربي سيهدين فأخبر الله تعالى أنه رأى أصحاب