قال أبو محمد واختلفو في كلام الله D بعد أن أجمع أهل الإسلام كلهم أن لله تعالى كلاما وعلى أن الله تعالى كلم موسى عليه السلام وكذلك سائر الكتب المنزلة كالتوراة والإنجيل والزبور والصحف فكل هذا لا اختلاف فيه بين أحد من أهل الإسلام ثم قالت المعتزلة أن كلام الله تعالى صفة فعل مخلوق وقالوا أن الله D كلم موسى بكلام أحدثه في الشجرة وقال أهل السنة أن كلام الله D هو علمه لم يزل وأنه غير مخلوق وهو قول الإمام أحمد بن حنبل وغيره رحمهم الله وقالت الأشعرية كلام الله تعالى صفة ذات لم تزل غير مخلوقة وهو غير الله تعالى وخلاف الله تعالى وهو غير علم الله تعالى وأنه ليس لله تعالى إلا كلام واحد .
قال أبو محمد واحتج أهل السنة بحجج منها أن قالوا أن كلام الله تعالى لو كان غير الله لكان لا يخلوا من أن يكون جسما أو عرضا فلو كان جسما لكان في مكان واحد ولو كان ذلك لكنا لم يبلغ إلينا كلام الله D ولا كان يكون مجموعا عندنا في كل بلد كذلك وهذا كفر ولو كان عرضا لاقتضى حاملا ولكان كلام الله تعالى الذي هو عندنا هو غير كلامه الذي عند غيرنا وهذا محال ولكان أيضا يغني بغناء حامله وهذا لا يقولونه وبالله تعالى التوفيق قالوا ولو سمع موسى عليه السلام كلام الله تعالى من غير الله تعالى لما كان له عليه السلام في ذلك فضل علينا لأننا نسمع كلام الله D من غيره فصح أن لموسى عليه السلام مزية على من سواه وهوأنه عليه السلام سمع كلام الله بخلاف من سواه وأيضا فقد قامت الدلائل على أن الله تعالى لا يشبهه شيء في خلقه بوجه من الوجوه ولا بمعنى من المعاني فلما كان كلامنا غيرنا وكان مخلوقا وجب ضرورة أن يكون كلام الله تعالى ليس مخلوقا وليس غير الله تعالى كما قلنا في العلم سواء بسواء .
قال أبو محمد وأما الأشعرية فيلزمهم في قولهم أن كلام الله غير الله ما ألزمناهم في العلم وفي القدرة سواه سواء مما قد تقصيناه قبل هذا والحمد لله رب العالمين وأما قولهم ليس لله تعالى إلا كلام واحد فخلاف مجرد لله تعالى ولجميع أهل الإسلام لأن الله D يقول قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله .
قال أبو محمد ولا ضلال أضل ولا حياء أعدم ولا مجاهرة أطم ولا تكذيب لله أعظم ممن سمع هذا الكلام الذي لا يشك مسلم أنه خبر الله تعالى الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه بأن لله كلمات لا تنفد ثم يقول هو من رأيه الخسيس أنه ليس لله تعالى إلا كلام واحد 1 فإن ادعوا أنهم فروا من أن يكثروا مع الله أكذبهم قولهم أن ها هنا خمسة عشر شيئا كلها متغايرة وكلها غير الله وخلاف الله وكلها لم تزل مع الله تعالى عما يقول الظالمون علو كبيرا