معنى عليم فقولوا أنه تعالى يبصر المسموعات ويسمع المرئيات قلنا وبالله تعالى التوفيق ما يمنع من هذا ولا ننكره بل هو صحيح لأن الله تعالى إنما قال أسمع وأرى فهذا إطلاق له على كل شيء على عمومه وبالله تعالى التوفيق .
والقول الرابع في معنى الإستواء هو أن معنى قوله تعالى على العرش استوى أنه فعل فعله في العرش وهو انتهاء خلقه إليه فليس بعد العرش شيء ويبين ذلك أن رسول الله A ذكر الجنات وقال فسألوا الله الفردوس الأعلى فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوق ذلك عرش الرحمن فصح أنه ليس وراء العرش خلق وأنه نهاية جرم المخلوقات الذي ليس خلفه خلاء ولا ملاء ومن أنكر أن يكون للعالم نهاية من المساحة والزمان والمكان فقد لحق بقول الدهرية وفارق الإسلام والإستواء في اللغة يقع على الإنتهاء قال الله تعالى فلما بلغ أشده واستوى أتيناه حكما وعلما أي فما انتهى إلى القوة والخير وقال تعالى ثم استوى إلى السماء وهي دخان أي أن خلقه وفعله انتهى إلى السماء بعد أن رتب الأرض على ما هي عليه وبالله تعالى التوفيق وهذا هو الحق وبه نقول لصحة البرهان به وبطلان ما عداه فأما القول الثالث في المكان فهو أن الله تعالى لا في مكان ولا في زمان أصلا وهو قول الجمهور من أهل السنة وبه نقول وهو الذي لا يجوز غيره لبطلان كل ما عداه ولقوله تعالى ألا أنه بكل شيء محيط فهذا يوجب ضرورة أنه تعالى لا في مكان إذ لو كان في المكان لكان المكان محيطا به من جهة ما أو من جهات وهذا منتف عن الباري تعالى بنص الآية المذكروة والمكان شيء بلا شك فلا يجوز أن يكون شيء في مكان ويكون هو محيطا بمكانه هذا محال في العقل يعلم امتناعه ضرورة وبالله تعالى التوفيق وأيضا فإنه في مكان إلا ما كان جسما أو عرضا في جسم هذا الذي لا يجوز سواه ولا يتنكل في العقل والوهم غيره البتة وإذا انتفى أن يكون الله D جسما أو عرضا فقد انتفى أن يكون في مكان أصلا وبالله تعالى نتأيد وأما قوله تعالى ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية فقوله الحق نؤمن به يقينا والله أعلم بمراده في هذا القول ولعله عنى D السموات السبع والكرسي فهذه ثمانية أجرام هي يومئذ والآن بيننا وبين العرش ولعلهم أيضا ثمانية ملائكة والله أعلم نقول ما قال ربنا تعالى ونقطع أنه حق يقين على ظاهره وهو أعلم بمعناه ومراده وأما الخرافات فلسنا منها في شيء ولا يصح في هذا خبر عن رسول الله A ولكنا نقول هذه غيوب لا دليل لنا على المراد بها لكنا نقول آمنا به كل من عند ربنا وكل ما قاله الله تعالى فحق ليس منه شيء منافيا للمعقول بل هو كله قبل أن يخبرنا الله تعالى في حد الإمكان عندنا ثم إذا أخبر به D صار واجبا حقا يقينا وقد قال تعالى الذين يحملون العرش ومن حوله فصح يقينا أن للعرش حملة وهم الملائكة المنقادون لأمره تعالى كما نقول أنا أحمل هذا الأمر أي أقوم به وأتولاه وقد قال تعالى أنهم يفعلون ما يؤمرون