ابنا بحول الله فساده والآخر قالته المعتزلة وهو أن معناه استولى وأنشدوا قد استوى بشر على العراق .
قال أبو محمد وهذا فاسد لأنه لو كان ذلك لما كان العرش أولى بالإستيلاء عليه من سائر المخلوقات ولجاز لنا أن نقول الرحمن على الأرض استوى لأنه تعالى مستول عليها وعلى كل ما خلق وهذا لا يقوله أحد فصار هذا القول دعوى مجردة بلا دليل فسقط وقال بعض أصحاب بن كلاب أن الإستواء صفة ذات ومعناه نفي الإعوجاج .
قال أبو محمد وهذا القول في غاية الفساد لوجوه أحدها أنه تعالى لم يسم نفسه مستويا ولا يحل لأحد أن يسم الله تعالى بما لم يسم به نفسه لأن من فعل ذلك فقد ألحد في أسمائه حدود الله أي مال عن الحق وقد حد الله تعالى في تسميته حدودا فقال تعالى ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه وثانيها أن الأمة مجمعة على أنه لا يدعو أحد فيقول يا مستوي ارحمني ولا يسمى ابنه عبد المستوي وثالثها أنه ليس كل ما نفى عن الله D وجب أن يوقع عليه ضده لأننا ننفي عن الله تعالى السكون ولا يحل أن يسمى الله متحركا وننفي عنه الحركة ولا يجوز أن يسمى ساكنا وننفي عنه الجسم ولا يجوز أن يسمى ساكنا ونفي عنه النوم ولا يجوز أن يسمى يقظانا ولا منتبها ولا أن يسمى لنفي الإنحناء عنه مستقيما وكذلك كل صفة لم يأت بها النص فكذلك الإستواء والإعوجاج منفيان عنه معا سبحانه وتعالى وتعالى الله عن ذلك لأن كل ذلك من صفات الأجسام ومن جملة الإعراض والله قد تعالى عن الإعراض ورابعها أنه يلزم من قال بهذا القول الفاسد أن يكون العرش لم يزل تعالى الله عن ذلك لأنه تعالى علق الإستواء بالعرش فلو كان الإستواء لم يزل لكان العرش لم يزل وهذا كفر وخامسها أنه لو كان الاستواء ههنا نفي الإعوجاج لم يكن لإضافة ذلك إلى العرش معنى ولكان كلاما فاسدا لاوجه له فإن اعترضوا فقالوا أنكم تسمونه سميعا بصيرا وأنه لم يزل كذلك فيلزمكم على هذا أن المسموعات والمبصرات لم تزل قلنا لهم وبالله تعالى نتأيد هذا لا يلزمنا لأننا لا نسمي الله D إلا بما سمى به نفسه فنقول قال الله تعالى السميع البصير فقلنا بذلك أنه لم يزل وهو السميع البصير بذاته كما هو ولا نقول لا يسمع ولا يبصر فنزيد على ما أتى به النص شيئا ونحن نقول أنه تعالى لم يزل سمعيا للمسموعات بصيرا بالمبصرات يرى المرئيات ويسمع المسموعات ومعنى هذا كله أنه عالم بكل ذلك كما قال الله تعالى انني معكما أسمع وأرى .
وهذا كله معنى العلم الذي لا يقتضي وجود المعلومات لم تزل لكن يعلم ما يكون أنه سيكون على حقيقته ويعلم ما هو كما هو ويعلم ما قد كان كما قد كان وهذا نجده حسا ومشاهدة وضرورة لأننا فيما بيننا قد نعلم أن زيدا سيموت وموته لم يقع وليس هكذا قولهم في الإستواء لأنه مرتبط بالعرش فإن قالوا لنا فإذن معنى سميع بصير هو بعد