وأنهم يتنزلون بالأمر وأما الحامل للكل والممسك للكل فهو الله D قال الله تعالى إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده .
الكلام في العلم .
قال الله D أنزله بعلمه فأخبر تعالى أنه له علما ثم اختلف الناس في علم الله تعالى فقال جمهور المعتزلة اطلاق العلم لله D إنما هو مجاز لا حقيقة وإنما معناه أنه تعالى لا يجهل وقال سائر الناس أن الله تعالى علما حقيقة لا مجاز ثم اختلف هؤلاء فقال جهم بن صفوان وهشام بن الحكم ومحمد بن عبد الله ابن سيرة وأصحابهم أن علم الله تعالى هو غير الله تعالى وهو محدث مخلوق سمعنا ذلك ممن جالسنا منهم وناظرناهم عليه وقالت طوائف من أهل السنة علم الله تعالى غير مخلوق لم يزل وليس هو الله ولا هو غير الله وقال الأشعري في أحد قوليه لا يقال هو الله ولا هو غير الله وقال في قول له آخر وافقه عليه الباقلاني وجمهور أصحابه أن علم الله تعالى هو غير الله وخلاف الله وأنه مع ذلك غير مخلوق لم يزل وقال أبو الهذيل العلاف وأصحابه علم الله لم يزل وهو الله وقالت طوائف من أهل السنة علم الله لم يزل وهو غير مخلوق وليس هو غير الله تعالى ولا نقول هو الله وكان هشام ابن عمر القوطي أحد شيوخ المعتزلة لا يطلق القول بأن الله لم يزل عالما بالأشياء قبل كونها ليس لأنه لا يعلم ما يكون قبل أن يكون بل كان يقول أن الله تعالى لم يزل عالما بأنه ستكون الأشياء إذا كانت .
قال أبو محمد فأما من أنكر أن يكون لله تعالى علم فإنهم قالوا لا يخلو لو كان الله تعالى علم من أن يكون غيره أو يكون هو هو فإن كان غيره فلا يخلو من أن يكون مخلوقا أو لم يزل وأي الأمرين كان فهو فاسد فإن كان هو الله فالله علم وهذا فاسد .
قال أبو محمد أما نفس قولهم في أن ليس لله تعالى علم فمخالف للقرآن وما خالف القرآن فباطل ولا يحل لأحد أن ينكر ما نص الله تعالى عليه وقد نص الله تعالى على أنه له علما فمن أنكره فقد اعترض على الله تعالى وأما إعتراضاتهم التي ذكرنا ففاسدة كلها وسنوضح فسادها إن شاء الله تعالى في إفسادنا لقول الجهمية والأشعرية لأن هذه الإعتراضات هي إعتراضات هاتين الطائفتين وبالله تعالى التوفيق .
قال أبو محمد احتج جهم بن صفوان بأن قال لو كان علم الله تعالى لم يزل لكان لا يخلو من أن لا يكون هو الله وهو غيره فإن كان علم الله غير الله وهو لم يزل فهذا تشريك لله تعالى وايجاب الأزلية لغيره تعالى معه وهذا كفر وإن كان هو الله فالله علم وهذا إلحاد وقال نسأل من أنكر أن يكون علم الله تعالى هو غيره فنقول أخبرونا إذا قلنا الله ثم قلنا أنه عليم فهل فهمتم من قولنا عليم شيئا زايدا غير ما فهمتم من قولنا الله أم لا فإن قلتم لا أحلتم وإن قلتم نعم أثبتم معنى آخر هو غير الله وهو علمه وهكذا قالوا في قدير وقوى وفي سائر ما دعوا فيه الصفات وقال أيضا أننا نقول أن الله تعالى عالم بنفسه ولا نقول أنه قادر على نفسه فصح أن علمه