وهيهات كم من ملك كفنوه في دمائه ودفنوه بذمائه وكم من عرش ثلوه وكم من عزيز ملك أذلوه إلى أن ثار فيها ابن عكاشة ليلا وجر إليها حربا وويلا فبرز الظافر منفردا عن كماته عاريا من حماته وسيفه في يمينه وهاديه في الظلماء نور جبينه فإنه كان غلاما قد بلله الشباب بأندائه وألحفه الحسن بردائه فدافعهم أكثر ليله وقد منع منه تلاحق رجله وخيله حتى أمكنتهم منه عثرة لم يقل لها لعا ولا استقال منها ولا سعى فترك ملتحفا في الظلماء تحت نجوم السماء معفرا في وسط أكماء تحرسه الكواكب بعد المواكب ويستره الحندس بعد السندس فمر بمصرعه سحرا أحد أئمة الجامع المغلسين فرآه وقد ذهب ما كان عليه ومضى وهو أعرى من الحسام المنتضى فخلع رداءه عن منكبيه ونضاه وستره به سترا أقنع المجد به وأرضاه وأصبح لا يعلم رب تلك الصنيعة ولا يعرف فتشكر له يده الرفيعة فكان المعتمد إذا تذكر صرعته وسعر الحزن لوعته رفع بالعويل نداءه وأنشد ولم أدر من ألقى عليه رداءه ولما كان من الغد حز رأسه ورفع على سن رمح وهو يشرق كنار على علم ويرشق نفس كل ناظر بألم فلما رمقته الأبصار وتحققته الحماة والأنصار رموا أسلحتهم وسووا للفرار