قد طلعتم بها شموسا صباحا فاطلعوا عندنا بدورا مساء فساروا إلى قصر البستان بباب العطارين فألفوا مجلسا قد حار فيه الوصف واحتشد فيه اللهو والقصف وتوقدت نجوم مدامه وتأودت قدود خدامه وأربى على الخورنق والسدير وأبدى صفحة البدر من أزرار المدير فأقاموا ليلتهم ما عراهم نوم ولا عداهم من طيب اللذات سوم وكانت قرطبة منتهى أمله وكان روم أمرها أشهى عمله وما زال يخطبها بمداخلة أهليها ومواصلة واليها إذ لم يكن في منازلتها قائد ولم يكن لها إلا حيل ومكايد لاستمساكهم بدعوة خلفائها وأنفتهم من طموس رسوم الخلافة وعفائها وحين اتفق له تملكها وأطلعه فلكها وحصل في قطب دائرتها ووصل إلى تدبير رياستها وإدارتها قال [ البسيط ] من للملوك بشأو الأصيد البطل هيهات جاءتكم مهدية الدول خطبت قرطبة الحسناء إذ منعت من جاء يخطبها بالبيض والأسل وكم غدت عاطلا حتى عرضت لها فأصبحت في سري الحلي والحلل عرس الملوك لنا في قصرها عرس كل الملوك بها في مأتم الوجل فراقبوا عن قريب لا أبا لكم هجوم ليث بدرع البأس مشتمل ولما انتظمت في سلكه واتسمت بملكه أعطى ابنه الظافر زمامها وولاه نقضها وإبرامها فأفاض فيها نداه وزاد على أمده ومداه وجملها بكثرة حبائه واستقل بأعبائها على فتائه ولم يزل فيها آمرا