وشرف مرتبته وعلو منصبه مع تقاه وعفافه ومعرفته وحزمه من المأمون الغيب الناصح الجيب أبي المطرف عبد الرحمن بن المنصور أبي عامر محمد ابن أبي عامر وفقه الله إذ كان أمير المؤمنين أيده الله تعالى قد ابتلاه واختبره ونظر في شأنه واعتبره فرآه مسارعا في الخيرات سابقا في الحلبات مستوليا على الغايات جامعا للمأثرات ومن كان المنصور أباه والمظفر أخاه فلا غرو أن يبلغ من سبل البر مداه ويحوي من خلال الخير ما حواه مع أن أمير المؤمنين أيده الله بما طالع من مكنون العلم ووعاه من مخزون الأثر يرى أن يكون ولي عهده القحطاني الذي حدث عنه عبد الله بن عمرو بن العاص وأبو هريرة أن النبي A قال لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه فلما استوى له الاختيار وتقابلت عنده فيه الآثار ولم يجد عنه مذهبا ولا إلى غيره معدلا خرج إليه من تدبير الأمور في حياته وفوض إليه الخلافة بعد وفاته طائعا راضيا مجتهدا وأمضى أمير المؤمنين هذا وأجازه وأنجزه وأنفذه ولم يشرط فيه مثنوية ولا خيارا وأعطى على الوفاء به في سره وجهره وقوله وفعله عهد الله وميثاقه وذمة نبيه محمد A وذمم الخلفاء الراشدين من آبائه وذمة نفسه أن لا يبدل ولا يغير ولا يحول ولا يزول وأشهد الله على ذلك والملائكة وكفى بالله شهيدا وأشهد من أوقع اسمه في هذا وهو جائز الامر ماضي القول والفعل بمحضر من ولي عهده المأمون أبي المطرف عبد الرحمن بن المنصور وفقه الله تعالى وقبوله ما قلده وإلزامه نفسه ما ألزمه وذلك في شهر ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة وكتب الوزراء والقضاة وسائر