( قران لعمري بالسعادة قد أتى ... فدم منهما في كوثر وجنان ) .
( فما لهما والله في الحسن ثالث ... وما لك في ملك البرية ثاني ) .
فتضاعفت مكانته عنده .
ثم إن أحد الوشاة رفع للملك أنه بقي في نفسه من الغلام حرارة وأنه لا يزال يذكره حين تحركه الشمول ويقرع السن على تعذر الوصول فقال للواشي لا تحرك به لسانك وإلا طار رأسك وأعمل الناصر حيلة في أن كتب على لسان الغلام رقعة منها يا مولاي تعلم أنك كنت لي على انفراد ولم أزل معك في نعيم وإني وإن كنت عند الخليفة مشارك في المنزلة محاذر ما يبدو من سطوة الملك فتحيل في استدعائي منه وبعثها مع غلام صغير السن وأوصاه أن يقول من عند فلان وإن الملك لم يكلمه قط إن سأله عن ذلك فلما وقف أبو عامر على تلك الرسالة واستخبر الخادم علم من سؤاله ما كان في نفسه من الغلام وما تكلم به في مجالس المدام فكتب على ظهر الرقعة ولم يزد حرفا .
( أمن بعد إحكام التجارب يبتغي ... لدى سقوط الطير في غابة الأسد ) .
( وما أنا ممن يغلب الحب قلبه ... ولا جاهل ما يدعيه أولو الحسد ) .
( فإن كنت روحي قد وهبتك طائعا ... وكيف يرد الروح إن فار الجسد ) .
فلما وقف الناصر على الجواب تعجب من فطنته ولم يعد إلى استماع واش به .
ودخل عليه بعد ذلك فقال له كيف خلصت من الشرك فقال لأن عقلي بالهوى غير مشترك فأنعم عليه وزادت محبته عنده