( إنما تفصد عرقا ... فيه محيا العالمينا ) .
وجعل يكرر ذلك المرة بعد المرة فاستظرف أمير المؤمنين الناصر ذلك غاية الاستظراف وسر به غاية السرور وسأل عمن اهتدى إلى ذلك وعلم الزرزور فذكر له أن السيدة الكبرى مرجانة أم ولده ولي عهده الحكم المستنصر بالله صنعت ذلك وأعدته لذلك الأمر فوهب لها ما ينيف على ثلاثين ألف دينار .
وذكر ابن بسام أن أبا عامر بن شهيد أحمد بن عبد الملك الوزير أهدى له غلام من النصارى لم تقع العيون على شبهه فلمحه الناصر فقال لابن شهيد أنى لك هذا قال هو من عند الله فقال له الناصر تتحفوننا بالنجوم وتستأثرون بالقمر فاستعذر واحتفل في هدية بعثها مع الغلام وقال يا بني كن مع جملة ما بعثت به ولولا الضرورة ما سمحت بك نفسي وكتب معه هذين البيتين .
( أمولاي هذا البدر سار لأفقكم ... وللأفق أولى بالبدور من الأرض ) .
( أرضيكم بالنفس وهي نفيسة ... ولم أر قبلي من بمهجته يرضي ) .
فحسن ذلك عند الناصر وأتحفه بمال جزيل وتمكنت عنده مكانته ثم إنه بعد ذلك أهديت إليه جارية من أجمل نساء الدنيا فخاف أن ينهى ذلك إلى الناصر فيطلبها فتكون كقصة الغلام فاحتفل في هدية أعظم من الأولى وبعثها معها وكتب له .
( أمولاي هذي الشمس والبدر أولا ... تقدم كيما يلتقي