الله على أوضح الطرق ومهما اشتبه عليه أمران قصد أقربهما إلى الحق وليقف في التماس أسباب الجلال دون الكمال غير النقصان والزعازع تسالم اللدن اللطيف من الأغصان وإياكم وطلب الولايات رغبة واستجلابا واستظهارا على الحظوظ وغلابا فذلك ضرر بالمروءات والأقدار داع إلى الفضيحة والعار ومن امتحن بها منكم اختيارا أو جبر عليها إكراها وإيثارا فليتلق وظائفها بسعة صدره ويبذل من الخير فيها ما يشهد أن قدرها دون قدره فالولايات فتنة ومحنة وأسر وإحنة وهي بين إخطاء سعادة وإخلال بعبادة وتوقع عزل وإدالة بإزاء بيع جد من الدنيا بهزل ومزلة قدم واستتباع ندم ومآل العمر كله موت ومعاد واقتراب من الله وابتعاد جعلكم الله ممن نفعه بالتبصير والتنبيه وممن لا ينقطع بسببه عمل أبيه .
هذه أسعدكم الله وصيتي التي أصدرتها وتجارتي التي لربحكم أدرتها فتلقوها بالقبول لنصحها والاهتداء بضوء صبحها وبقدر ما أمضيتم من فروعها واستغشيتم من دروعها اقتنيتم من المناقب الفاخرة وحصلتم على سعادة الدنيا والآخرة وبقدر ما أضعتم لآليها النفيسة القيم استكثرتم من بواعث الندم ومهما سئمتم إطالتها واستغزرتم مقالتها فاعلموا أن تقوى الله فذلكة الحساب وضابط هذا الباب كان الله خليفتي عليكم في كل حال فالدنيا مناخ ارتحال وتأميل الإقامة فرض محال فالموعد للالتقاء دار البقاء جعلها الله من وراء خطة النجاة ونفق بضائعها المزجاة بلطائفه المرتجاة والسلام عليكم من حبيبكم المودع والله سبحانه يلأمه حيث شاء من شمل متصدع والدكم محمد بن عبد الله الخطيب بن ورحمة الله وبركاته .
انتهت الوصية الفريدة في حسنها الغريبة في فنها المبلغة نفوس الناظرين