قد اختلت والأقدام قد زلت والأموال قد قلت وشبيبة الدهر ولت وذلك القطر على علاته أحكم لمن يروم الجاه وأمنع وأجدى بكل اعتبار وأنفع وقد حضرت لاستخلاصكم إياه الآلة التى لا تتأتى فى كل زمان وتهيأ إمكان أي إمكان واقتضيت أيمان وعرضت سلع تقل لها أثمان وارتهنت الوفاء مروءات وأديان وتحقق بذلك القطر الفساد الذى اشتهر به مأموره وأموره وأميره والمنكر الذى يجب على كل مسلم تغييره فإن شئت شرعا فالحكم ظاهر أو طبعا فالطبع حاضر وما ثم عاذل بل عاذر والمؤونة التى تلزم أقل من أن تكون ثمن بعض الحصون فضلا عن الشجرة ذات الغصون وما يستهلك فى هذا الغرض شىء له خطر ولا يستنقذ من الصحيفة سطر واليد محكمة بكل أو شطر .
وما يخص المملوك من هذا الأمر إلا استنقاذ نشب واستخلاص مؤمل بين موروث ومكتسب وبعيد إن لا ينعر له فى زمن من الأزمان فلا بد فى كل وقت من أعيان ومروءات وأحساب وأديان والله سبحانه كل يوم هو فى شان وأما خدمة دولة فهى على حرام لا ينجح لى فيها إن أعتمدها مرام وكأنى بالمشرق لاحق ولأنفاسه الذكية ناشق فما هى إلا أطماع سرابها لماع فإذا انقطعت انفسحت الدنيا واتسعت ومعاش فى غمار أو عكوف فى كسر دار لمداومة استقالة واستغفار والله ما توهم أن من بتلك البلاد يستنسر بغاثة عليكم أو يحتقر ما لديكم فقد ظهر الكائن وتطابق المخبر والمعاين فسبحان من يقوى الضعيف ويهين المخيف ويجري يد المشروف والشريف والهمم بيد الله تعالى ينجدها ويخذلها والأرض فى قبضته يرعاها ويهملها .
هذا بث لا يسع إفشاؤه وسر إن لم يطو سقط به على السرحان شاؤه