تعله وتنهله والدهر ييسر أمله الأقصى ويسهله حتى اتسقت أسباب سعده وانتهت اليه رياسة سلفه من بعده فألقت اليه رحالها وحطت ومتعته بقربها بعدما شطت ثم كلح له الدهر بعدما تبسم وعاد زعزعا نسيمة الذى كان يتنسم وعاق هلالة عن تمه ما كان من تغلب ابن عمه واستقر بهذه البلاد نازح الدار بحكم الأقدار وإن كان نبيه المكانة والمقدار وجرت عليه جراية واسعة ورعاية متتابعة وله أدب كالروض باكرته الغمائم والزهر تفتحت عنه الكمائم رفع منه رايه خافقه واقام له سوقا نافقه وعلى تدفق أنهاره وكثرة نظمه واشتهاره فلم أظفر منه إلا باليسير التافه بعد انصرافه انتهى .
56 - وقال فى الإكليل فى ترجمة أبى عبد الله محمد بن عبد الرحمن المكودي الفاسى ما نصه شاعر لا يتقاصى ميدانه ومرعى بيان رف غضاه واينع سعدانه يدعو الكلام فيهطع لداعيه ويسعى فى اجتلاب المعانى فتنجح مساعيه غير أنه أفرط فى الانهماك وهوى إلى السمكة من أوج السماك قدم على هذه البلاد مفلتا من رهق تلمسان حين الحصار صفر اليمين واليسار من اليسار فل هوى انحى على طريفه وتلاده واخرجه من بلاده ولما جد به البين وحل هذه البلدة بحال تقتحمها العين والسيف بهزته لا بحسن بزته دعوناه إلى مجلس أعاره البدر هالته وخلع عليه الأصيل غلالته وروض تفتح كمامه وهمى عليه غمامه وكأس أنس تدور فتتلقى نجومها البدور فلما ذهبت المؤانسة بخجله وتذكر هواه ويوم نواه حتى خفنا حلول أجله جذبنا للمؤانسة زمامه واستسقينا منه غمامه فأمتع واحسب ونظر ونسب وتكلم فى المسائل وحاضر بطرف الأبيات وعيون الرسائل حتى نشر الصباح رايته وأطلع النهار آيته فمما نسبه إلى نفسه وأنشدناه قوله .
( غرامى فيك جل عن القياس ... وقد سقيتنيه بكل كاس ) .
( ولا أنسى هواك ولو جفانى ... عليك أقاربى طرا وناسى )