على أن ضواحيها كانت فى زمان لسان الدين مأوى للمحاربين واللصوص ومثوى للأعراب الذين أعضل داؤهم باقطار المغرب على العموم والخصوص ولذلك يقول لسان الدين C تعالى .
( مكناسة حشرت بها زمر العدا ... فمدى بريد فيه ألف مريد ) .
( من واصل للجوع لا لرياضة ... أو لابس للصوف غير مريد ) .
( فإذا سلكت طريقها متصوفا ... فانو السلوك بها على التجريد ) .
وما أشار إليه C تعالى فيما سبق من ذكر الزاوية القدمى والجديدة أشار به إلى زاويتين بناهما السلطان أبو الحسن المرينى الكثير الآثار بالمغرب الأقصى والأوسط والأندلس وكان بنى الزاوية القدمى فى زمان ابيه السلطان أبى سعيد والجديدة حين تولى الخلافة وله فى هذه المدينة غير الزاويتين المذكورتين عدة آثار كثيرة جميلة من القناطر والسقايات وغيرها ومن أجل مآثره بها المدرسة الجديدة وكان قدم للنظر على بنائها قاضيه على المدينة المذكورة ولما أخبر السلطان بتمام بنائها جاء إليها من فاس ليراها فقعد على كرسى من كراسى الوضوء حول صهريجها وجىء بالرسوم المتضمنة للتنفيذات اللازمة فيها فغرقها فى الصهريج قبل أن يطالع ما فيها وأنشد .
( لا بأس بالغالى إذا قيل حسن ... ليس لما قرت به العين ثمن ) وهذا السلطان أبو الحسن أشهر ملوك بنى مرين وأبعدهم صيتا وكان قد ملك C تعالى المغرب بأسره وبعض الأندلس وامتد ملكه إلى طرابلس الغرب ثم حصلت له الهزيمة الشنعاء قرب القيروان حين قاتل أعراب إفريقية فغدره بنو عبد الواد الذين أخذ من يدهم ملك تلمسان وانتهزوا الفرصة فيه وهربوا إلى الأعراب عند المصافه فاختل مصافة وهزم أقبح هزيمة ورجع الى تونس مغلوبا وركب البحر فى أساطيله وكانت نحو الستمائة من السفن فقضى الله تعالى ان غرقت جميعا ونجا على لوح وهلك من كان معه من أعلام المغرب