( قدمت فالخلق في نعمى وفي جذل ... أبدى بك البشر باديه وحاضره ) .
( والأرض قد لبست أثواب سندسها ... والروض قد بسمت منه أزاهره ) .
( حاكت يد الغيث في ساحاته حللا ... لما سقاها دراكا منه باكره ) .
( فلاح فيها من الأنوار باهرها ... وفاح فيها من النوار عاطره ) .
( وقام فيها خطيب الطير مرتجلا ... والزهر قد رصعت منه منابره ) .
( موشي ثوب طواه الدهر آونة ... فها هو اليوم للأبصار ناشره ) .
( فالغصن من نشوة يثني معاطفه ... والطير من طرب تشدو مزاهره ) .
( وللكمام انشقاق عن أزاهرها ... كما بدت لك من خل ضمائره ) .
( لله يومك ما أزكى فضائله ... قامت لدين الهدى فيه شعائره ) .
( فكم سريرة فضل فيك قد خبئت ... وكم جمال بدا للناس ظاهره ) .
( فافخر بحق على الأيام قاطبة ... فما لفضلك من ند يظاهره ) .
( فأنت في عصرنا كابن الحكيم إذا ... قيست بفخر أولي العليا مفاخره ) .
( يلتاح منه بأفق الملك نور هدى ... تضاءل الشمس مهما لاح زاهره ) .
( مجد صميم على عرش السماك سما ... طالت مبانيه واستعلت مظاهره ) .
( وزارة الدين والعلم التي رفعت ... أعلامه والندى الفياض زاخره ) .
( وليس هذا ببدع من مكارمه ... ساوت أوائله فيه أواخره ) .
( يلقى الأمور بصدر منه منشرح ... بحر وآراؤه العظمى جواهره ) .
( راعى أمور الرعايا معملا نظرا ... كمثل علياه معدولا نظائره ) .
( والملك سير في تدبيره حكما ... تنال ما عجزت عنه عساكره ) .
( سياسة الحلم لا بطش يكدرها ... فهو المهيب وما تخشى بوادره ) .
( لا يصدر الملك إلا عن إشارته ... فالرشد لا تتعداه مصايره ) .
( تجري الأمور على أقصى إرادته ... كأنما دهره فيه يشاوره ) .
( وكم مقام له في كل مكرمة ... أنست موارده فيها مصادره )