وصار صاحب أمره إلى أن توفي بحضرة غرناطة قتيلا نفعه الله تعالى غدوة يوم الفطر مستهل شوال سنة ثمان وسبعمائة وذلك لتاريخ خلع سلطانه وخلافة أخيه أمير المسلمين أبي الجيوش مكانه ومولده برندة سنة ستين وستمائة .
وكان C تعالى علما في الفضيلة والسراوة ومكارم الأخلاق كريم النفس واسع الإيثار متين الحرمة عالي الهمة كاتبا بليغا أديبا شاعرا حسن الخط يكتب خطوطا على أنواع كلها جميلة الانطباع خطيبا فصيح القلم زاكي الشيم مؤثرا لأهل العلم والأدب برا بأهل الفضل والحسب نفقت بمدته للفضائل أسواق وأشرقت بإمداده للأفاضل آفاق ورحل للمشرق كما سبق فكانت إجازته البحر من المرية فقضى فريضة الحج وأخذ عمن لقي هنالك من الشيوخ فمشيخته متوافرة وكان رفيقه كما مر الخطيب أبا عبد الله ابن رشد الفهري فتعاونا على هذا الغرض وقضيا منه كل نفل ومفترض واشتركا فيمن أخذا عنه من الأعلام في كل مقام وكانت له عناية بالرواية وولوع بالأدب وصبابة باقتناء الكتب جمع من أمهاتها العتيقة وأصولها الرائقة الأنيقة ما لم يجمعه في تلك الأعصر أحد سواه ولا ظفرت به يداه أخذ عنه الخطيب الصالح أبو إسحاق ابن أبي العاصي وتدبج معه رفيقه أبو عبد الله ابن رشيد وغير واحد وكان ممدحا وممن مدحه الرئيس أبو محمد عبد المهيمن الحضرمي والرئيس أبو الحسن ابن الجياب وناهيك بهما .
ومن بديع مدح ابن الجياب له قصيدة رائية رائقة يهنيه فيها بعيد الفطر منها في أولها .
( يا قادما عمت الدنيا بشائره ... أهلا بمقدمك الميمون طائره ) .
( ومرحبا بك من عيد تحف به ... من السعادة أجناد تظافره )