فضاء مشاهدة الوحدانية فهو مسجون بمحيطاته ومحصور في هيكل ذاته إلى غير ذلك من كلامه وكان يحضر السماع ليلة المولد عند السلطان وهو لا يريد ذلك وما رأيته قط في غير مجلس جالسا مع أحد وإنما حظ من يراه الوقوف معه خاصة وكنت إذا طلبته بالدعاء احمر وجهه واستحيا كثيرا ثم يدعو لي وأكثر تمتعه من الدنيا بالطيب والبخور الكثير ويتولى أمر خدمته بنفسه ولم يتزوج ولم يملك أمة ولباسه في داره مرقعة فإذا خرج سترها بثوب أخضر أو أبيض وله تلامذة كلهم أخيار مباركون وبلغني عن بعضهم أنه تصدق حين تاب على يده بعشرة آلاف دينار ذهبا وهو الآن إمام جامع القرويين بفاس وخطيبه وأكثر قراءته في صلاة الجمعة ( إذاجاء نصر الله ) وأكثر خطبته وعظ ومثله من يعظ الناس لأنه اتعظ في نفسه وقد أوحى الله تعالى إلى عيسى E يا عيسى عظ نفسك فإن اتعظت فعظ الناس وإلا فاستحي مني ذكره الغزالي وعهدي به أنه على صفة البدلاء الصادقين النبلاء كثر الله مثله في الإسلام انتهى .
قلت وقد زرت قبره مرارا بفاس ودعوت الله تعالى عنده وهوعند أهل فاس بمثابة الشافعي عند أهل مصر ومن منن الله سبحانه علي أني سكنت محله لما توليت الخطابة والإمامة بجامع القرويين من فاس المحروسة مضافين إلى الفتوى والدار المعلومة للخطيب بالجامع المذكور إلى الآن تعرف بدار الشيخ ابن عباد وأقمت على ذلك خمس سنين وأشهرا ثم قوضت الرحال للمشرق وها أنا إلى الآن فيها والله ييسر الخير حيث كان .
وقال الشيخ سيدي أحمد زروق في شأن الشيخ ابن عباد إنه ولد برندة وبها نشأ في عفاف وصون ثم رحل لفاس وتلمسان فقرأ بهما الفقه والأصول والعربية ثم عاد فصحب بمدينة سلا أفضل أهل زمانه علما وعملا سيدي أحمد