ما شاء غير ممتثل للعواقب ينتضي عزائم تنتضى فإن ألمت من الأيام مظلمة أضا إلى أن أودى وغار منه الكوكب الأهدى فانتقل الأمر إلى ابنه أبي بكر فناهيك من أي عرف ونكر فقد أربى على الدهاة وما صبا إلى الظبية ولا إلى والمهاة واستقل بالهول يقتحمه والأمر يسديه ويلحمه فأي ندى ندى أفاض وأي أجنحة بمدى هاض فانقادت إليه الآمال بغير خطام ووردت من نداه ببحر طام ولم يزل بالدولة قائما وموقظا من بهجتها ما كان نائما إلى أن صار الأمر إلى المأمون بن ذي النون أسد الحروب ومسد الثغور والدروب فاعتمد عليه واتكل ووكل الأمر إلى غير وكل فما تعدى الوزارة إلى الرياسة ولا تردى بغير التدبير والسياسة فتركه مستبدا ولم يجد من ذلك بدا .
وكان أبو بكر هذا ذا رفعة غير متضائلة وآراء لم تكن آفلة أدرك بها ما أحب وقطع غارب كل منافس وجب إلى أن طلحه العمر وأنضاه وأغمده الذي انتضاه فخلى الأمر إلى ابنيه فتلبدا في التدبير ولم يفرقا بين القبيل والدبير فغلب عليهما القادر بن ذي بالنون وجلب إليهما كل خطب ما خلا المنون فانجلوا بعدما القوا ما عندهم وتخلوا وكان لأبي عبد الله نظم مستبدع يوضع بين الجوانح ويودع انتهى المقصود من الترجمة .
وكان للوزير أبي الفرج ابن مكبود قد أعياه علاجه وتهيأ للفساد مزاجه فدل على خمر قديمة فلم يعلم بها إلا عند حكم وكان وسيما وللحسن قسيما فكتب إليه .
( أرسل بها مثل ودك ... أرق من ماء خدك )