ولقي العلماء وأسند وأبقى تلك المآثر وخلد نشأ في بيئة كريمة وأرومة من الشرف غير مرومة لم يزل فيها على وجه الزمان أعلام علم وأرباب مجد ضخم قد قيدت مآثرهم الكتب وأطلعتهم التواريخ كالشهب وما برح الفقيه أبو بكر يتسنم كواهل المعارف وغواربها ويقيد شوارد المعاني وغرائبها لاستضلاعه بالأدب الذي أحكم أصوله وفروعه وعمر برهة من شبيبته ربوعه وبرز فيه تبريز الجواد المستولي على الأمد وجلى عن نفسه به كما جلى الصقال عن النصل الفرد وشاهد ذلك ما أثبته من نظمه الذي يروق جملة وتفصيلا ويقوم على قوة العارضة دليلا فمن ذلك قوله يحذر من خلطاء الزمان ويبنه على التحفظ من الإنسان .
( كن بذئب صائد مستأنسا ... وإذا أبصرت إنسانا ففر ) .
( إنما الإنسان بحر ما له ... ساحل فاحذره إياك الغرر ) .
( واجعل الناس كشخص واحد ... ثم كن من ذلك الشخص حذر ) .
وله في الزهد .
( أيها المطرود من باب الرضى ... كم يراك الله تلهو معرضا ) .
( كم إلى كم أنت في جهل الصبا ... قد مضى عمر الصبا وانقرضا ) .
( قم إذا الليل دجت ظلمته ... واستلذ الجفن أن يغتمضا ) .
( فضع الخد على الأرض ونح ... واقرع السن على ما قد مضى ) وله في هذا المعنى .
( قلبي يا قلبي المعنى ... كم أنا أدعى فلا أجيب ) .
( كم أتمادى على ضلال ... لا أرعوي لا ولا أنيب )