( أَقْفَرَ مِنْ أَهْلهِ عَبِيدُ ... فَلَيْسَ يُبْدِي وَلا يُعِيدُ ) .
ثم قال : اختر إن شئتَ أخرجت نفسك من الأبجل وإن شئت من الأكحل وإن شئت من الوريد .
فقال عبيد : .
( خَيَّرتني بَيْنَ سَحَابَاتِ عَاد ... فَردْتُ مِنْ ذلكَ شَرَّ المرَاد ) .
وكان سبب اتخاذه يوم البؤس من عامه أنه كان له عمرو بن مسعود وخالد ابن نضلة نديمين يستلذ حديثهما .
فبينما هو ذات يوم يشرب معهما جرت على لسانه أبيات شعر فقال : قولا على هذه العروض فقالا فساء الملك بعض قولهما وقد سكر فقتلهما .
فلما صحا دعا بهما وأخبر بشأنهما فاشتدّ ندمه وكثر أسفه عليهما واتخذ يوم قتلهما يوم البؤس من عامه .
وأما السبب الثاني في تألهه فإنه خرج يوماً في صيد فهاجت ريح رعبت الناس وخلعت القلوب وانقطع من أصحابه وألجأه المبيت إلى رجل من طيء يقال له عمرو ابن الأخنس فلم يأله إكراماً لما رأى من جماله وشارته وتضوع من طيب رائحته ولم يعرفه حتى إذا أصبح غشيته الخيل فارتاع الرجل فقال : لا ترعْ أنا النعمان فأقْدِمْ عليّ أمولك .
فتوانى الرجل وألحت عليه امرأته فخرج يريد النعمان فصادفه يوم بؤسه وقد ركب فأمر بذبحه فقال له : أنا الطائي أبو مثواك ليلة الريح وإنما جئت لوفاء موعدك .
فأدناه النعمان ورحّب به وقال : أوصني بكل أرب لك ووطر غير أنه لا بد من القتل .
فقال له الطائي : ما لي حاجة ولا أرب دون نفسي فهب لي نفسي .
فقال : لا بد من القتل فقال الطائي : إن لي وصايا وديوناً وعندي ودائع لا يعلمها أحد غيري فدعني حتى ألحق بأهلي وأوصيهم بما أريد وأرجع إليك قال : فمن يكفل بك فسأل الطائي عن أكرم الناس عليه فقيل له : شريك بن