ع : وقالوا في نقيض هذا : ( جَوِّعْ كَلْبَكَ يَتْبَعْكَ ) .
قال محمد بن حبيب : وأول من قاله ملك من ملوك حمير كان عنيفاً على أهل مملكته يغصبهم أموالهم ويسلبهم ما في أيديهم وكانت الكهنة تخبره أنهم سيقتلونه ولا يحفل بذلك .
وأن امرأة له سمعت أصوات السؤال فقالت : إني لأرحم هؤلاء لما يلقون من الجهد ونحن في العيش الرغد وإني لأخاف أن يكونوا عليك سباعاً وقد كانوا لنا أتباعاً .
فردّ عليها ( جَوّعْ كَلْبَكَ يَتبعكَ ) فأرسلها مثلاً فلبث كذلك زماناً ثم أغزاهم مع أخيه فغنموا ولم يقسم فيهم شيئاً فقالوا لأخيه : قد ترى ما نحن فيه من الجهد ونحن نكره خروج الملك عنكم إلى غيركم فساعدنا على قتل أخيك واجلس مكانه وعرف أخوه بَغْيَهُ واعتداءه فأجابهم إلى ذلك فوثبوا عليه وقتلوه فمرّ به عامر بن جذيمة وهو مقتول وقد سمع قوله ( جَوّعْ كَلْبَك يتْبَعك ) فقال : ( رُبَّمَا أَكَلَ الكَلْبُ مُجَوِّعَهُ إِنْ لَمْ يَنَلْ شِبَعَه ) .
وقال المنصور أبو جعفر لقواده : صدق الأعرابي حيث يقول ( أجِعْ كلبَكَ يَتْبَعْكَ ) فقال له أبو العباس الطوسي منهم : يا أمير المؤمنين أخشى أن يلّوح لهُ رجلٌ برغيف فيتبعه ويدعك .
قال أبو عبيد : ومن هذا المعنى مثلهم المشتهر في العالم : .
( أُعَلِّمُهُ الرِّمَايَةَ كُلَّ حِينٍ ... فَلَمَّا اشْتَدَّ سَاعِدُهُ رَمَاني ) .
ع : هذا البيت لمالك بن فهم الدوسي ثم الأزدي وكان ابنه سليمة بن مالك رماه بسيف فقتله فقال أبوه مالك هذا البيت لما رماه .
قال أبو بكر : يروى استدّ ساعده واشتدّ بالسين مهملة وبالشين معجمة قال : وكان مالك بن فهم بن غنم بن دوس الأزدي هذا قد تنحّى في قومه بعين