الرمحَ ليطعنها به فقالت : اكففْ رمحك حتى تنظر ما في بيتك فدخل فإذا بحية منطوية على فراشه فركز فيها رمحه فانتظمها فيه ثم خرج فنصبه في الدار فاضطربت الحية ُ في رأس الرمح وخَرّ الرجلُ صريعاً فما يُدرى أيهما كان أسرع موتاً : الفتى أم الحية .
فجئنا إلى رسول الله فذكرنا له ذلك وقلنا يا رسول الله ادْعُ الله يُحييه .
فقال استغفروا لصاحبكم فقلنا : يا رسول الله ادع الله يحييه فقال : استغفروا لصاحبكم .
ثم قال : إن بالمدينة جنّاً قد أسلموا فإذا رأيتم منها شيئاً فأذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان .
قال أبو عبيد : ومن أمثالهم في نحو ذلك ( كالمسْتَغِيثِ منَ الرَّمْضَاءِ بِالنَّارِ ) .
ع : أصلُ هذا المثل وأوّل من نطق به التِّكْلامُ الضبعِيّ وذلك أن جساس ابن مرة لما طعن كليباً وهو كليب وائل استسقى عمرو بن الحارث ماء فلم يسقه وأجهز عليه فقال التّكْلامُ في ذلك : .
( المسْتَغيثُ بعَمْرٍو عند كرْبَته ... كالمسْتَغيثِ مِنَ الرَّمْضاءِ بالنَّارِ ) .
وربما أنشدوه ( كالمستغيث من الدّعْصاء بالنار ) .
والدَعْصاء : الأرض السهلة المستوية تصيبها الشمس فتحمى فتكون رمضاؤها أشدّ حراً من غيرها .
وقال أبو الفرج الأصفهاني إن قائداً من قواد أحمد بن عبد العزيز بن أبي دُلَف هرب إلى عمرو بن الليث وهو يومئذ بخراسان فغمّ ذلك أحمد وأقلقه فدخل عليه أبو نجدة لخيم بن ربيعة بن عوف من بني عجل وكان شاعراً فأنشده : .
( يا ابْنَ الَّذينَ سما كسْرى لجمعهمُ ... فجلَّلُوا وجهَهُ قاراً بذي قارِ ) .
( دَوِّخْ خراسان بالجرْد العتاق وبالبيضِ ... الرِّقاق بأَيْدي كُلِّ مِسْعارِ )