مع البهم فقالت له أمه : يا بني إن المضيع من وكل ماله وأضاع عياله وإنها أرسلت أمَتَها مع البهم وخرج طرفة وصاحب له معهما فخّ حتى أتيا مكاناً كانا يعهدان به القنابر كثيرة فنصبا الفخّ وتنحيّا غير بعيد فجعلت قبرة تحوم على الفخّ ثم نقرته فأخطأها فأقبل طرفة نحو فخّه وهو يقول : .
( قَدْ يَعْثُرُ الجَوَادُ ... وَتُمْحِلُ البِلادُ ) .
( وَتُنْهَبُ التِّلادُ ... وَيَضْعَفُ الجِلادُ ) .
( والفَخُّ قد يُعادُ ... ) .
ثم نصب فخّه فوقعت القنابر حول فخّه وأقبلن يحدن عنه ويلقطن ما أصبن فلما طال به ذلك ضجر وانتزع فخّه وهو يقول : .
( قَاتَلَكُنَّ اللهُ مِنْ قَنَابِرِ ... مُهْتَدِيَاتٍ بِالفَلا نَوَافِرِ ) .
( وَلا سُقيْتُنَّ مَعِينَ المَاطِر ... وَلا رَعَيْتُنَّ جَنوبَ الحَاجِر ) .
وانصرف هو وصاحبه راجعين ونظر فإذا بالقنابر قد سقطن بالمكان الذي كان نصب فيه فخه ليلتقطن فقال : .
( يَا لَكِ مِنْ قُبَّرَةٍ بمَعْمر ... خَلا لَكِ الجوُّ فَبِيضي واصْفري ) .
( وَنَقِّرِي مَا شِئْتِ أَنْ تُنَقِّري ... ) .
فلما أتى منزله ورأته أمه لم يصنع شيئاً قالت : لقد حدّك حادٌ وصدّك صاد فقال لها طرفة : .
( ما كُنْتُ مَحْدُوداً إِذا غَدَوْتُ ... وَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ ما لَقِيتُ ) .
( من طَائِرٍ ظَلَّ بنا يَحُوتُ ... يَنْصَبُّ في اللُّوْحِ فَمَا يَفُوتُ )