( وَعَهْدُ الغَانِيَاتِ كَعَهْدِ قَيْنٍ ... وَنَتْ عَنْهُ الجَعَائِلُ مُسْتَذَاقِ ) .
قال أبو عبيد : ومثله المثل السائر في العامةمَنْ عُرِفَ بِالصِّدْقِ جَازَ كَذِبُهُ " مَنْ عُرِفَ بِالّكَذِبِ لمْ يَجُزْ صِدْقُهُ " قال : ومما يحقق هذا المثل حُكْمُ الله تعالى في الشهادة أنها مردودة من أهل الفسوق ولعلّهم قد شهدوا بحق . وقال بعض الحكماء : " الصِّدْقُ عِزٌّ والكِذبُ خُضُوعٌ " قال الآخر : لو لم يترك العاقل الكذب إلا مروءة لقد كان حقيقاً بذلك فكيف وفيه المآثم والعار . وحكى الكسائي عن العرب : إن المرءَ ليكذب حتى يصدق فما يقبل منه .
ع : وبعد البيت : .
( كَجِلبِ السوءِ يُعْجِبُ مَنْ رآهُ ... وَلا يَسْقِي الحَوَائِم مِن لَمَاقِ ) .
الجعائل : جمع جعالة وهو ما يجعل للعامل على العمل والمستذاق : المتنقل الذي لا يقر بموضع مستفعل من الذوق يذاق حيثما حلّ . وقال الباهلي : مستذاق أي إذا أتى قوماً أصلح لهم عمله حتى يذوقوه ثم يفسده بعد ذلك والجِلب : السحاب الذي لا ماء فيه : قال الشاعر : .
( وَلَسْتُ بِجِلْبٍ جِلْبِ ريحٍ وَقَرّة ... وَلا بِصَفَا صَلْدٍ غَنْ الخَيْرِ مُعْزَلِ ) .
يقول : لا يسقي ولا يروي الحوائم وهي العطاش التي تحوم حول الماء ويقال ما ذقت لماقاً أي ما ذقت شيئاً فمعناه ولا يسقي الحوائم من شيء من الغُلّة