بِكَلِمةٍ مُنْذُ كَذاَ وَكَذا حَتَّى أَخْطمَها وأَزَمَّها " .
فقد علم أنه ليس هناك خطام ولا زمام وإنما جعل هذا مثلاً لمنْعِه لسانَهُ من بوادر الفلتات والخطأ .
ومنها قولُ شُريح بن الحارث قاضي الكوفة لرجل سمعه يتكلم : " أمسك عليك نَفَقَتَك " - فجعل النفقة التي يخرجها من ماله مثلاً لكلامه وقد جاء في بعض الحديث أنه قال ما صدقةٌ أفضل من صدقةٍ من قول .
ع : الزمام ما تزم به الناقة عند المشي والخطام ما تخطم به عند الإمساك فالخطام غير الزمام قال امرؤ القيس في الزمام : .
فَقُلْتُ لَهَا سِيِري وَأَرْخِي زِماَمَهُ ... وَلا تُبْعِدينَا مِنْ جَنَاك المعَلَّلِ ... .
قال أبو عبيد : ومنها قول عمر بن عبد العزيز " التَّقِيُّ مُلْجَمٌ " فقد عَلم أنه ليس هناك لجام إنما هو كنحو مما ذكرنا من سجن اللسان وخزنة وخزنه وحفظه وخطمه وزمّه .
ع : ضرب اللجام للتقي مثلاً لأن التقى يمنعه من الكلام فيما لا يعنيه كما يمنع اللجام الدابة من الأخذ فيما لا يعني راكبها . قال الشاعر : .
( خَلِّ جنْبَيْكَ لِرَامِ ... وَامْضِ عَنْهُ بِسَلامِ ) ... مُتْ بِدَاءِ الصَّمْتِ خَيْرٌ مِنْ ... لَكَ مِنْ دَاءِ الكلامِ ... .
إنَّما السالِمُ مَنْ أَلْجَمَ فَاهُ بِلِجَامِ ... .
2 - باب حفظ اللسان لما يخاف على أهله [ من عقوبات الدنيا ] .
قال أبو عبيد : من أمثالهم في هذا مقالة أكثم بن صيفي التميمي " مقْتَلُ الرَّجُلِ بِيْنَ فكَّيِه " يعني لسانه والفكّان : اللحيان . وقال بعض العرب لرجل وهو يعظه في حفظ لسانه " إيَّاكَ أَنْ يَضْرِبَ لِسَانُكَ عُنُقَكَ " ومنه قول الشاعر : .
( رَأيْتُ اللِّسانَ عَلَى أَهْلِهِ ... إذا سَاسَهُ الجَهْلُ لَيْثاً مُغِيرا ) .
قال أبو عبيد : هكذا أورد أبو عبيد هذا الكلام وإنما هو " إياك وأن يضرب . . " بالواو كما ورد في الحديث : إذا بلغ الرجل السبعين فإياه وايا الشواب ونظم عبد الله بن المعتز هذا المثل فقال : .
( يَا رُبَّ أَلسنَةٍ كَالسُّيوُفِ ... تَقْطَعُ أعْنَاقَ أَصْحَابِها ) .
( وَكَمْ دُهِيَ المَرْءُ مِنْ نَفْسِهِ ... فَلا تُؤْكَلَنَّ بِأَنْيَابِها ) .
قال أبو عبيد : ومنه قول أكثم بن صيفي أيضاً " رُبَّ قوْل أَشدُّ مِنْ صَوْلٍ " .
وقد يوضع هذا المثل فيما يتقى من العار ومن كلام أكثم في خطإ القول وهذره " لِكُلِّ ساقطَةٍ لآقطَةٌ " قال أبو عبيد : وهذا تحذير من سقط الكلام يقول : إن