ع : قال ابن حبيب البصري : أول من قال هذا المثل قرين بن مصاد الكلبي وكان له أخوان : مرارة ومرة .
وكان قرين لصاً عياراً يقال له الذئب لشدة لصوصيته وإن مرارة أخاه خرج يتصيد الأروى في جبل يقال له ابلى فاختطفته الجن فانطلق أخوه مرة في أثره حتى إذا كان بذلك الموضع اختطف وكان قرين غائباً فلما قدم أقسم لا يشرب خمراً ولا يمس رأسه غسل حتى يطلب بأخويه .
فتنكب قرين قوسه وانطلق إلى ذلك الجبل فمكث به سبعة أيام لا ينام ولا يرى شيئا حتى إذا كان في اليوم الثامن إذا هو بظليم فرماه فأصابه واستقل الظليم حتى صار في أسفل الجبل فلما وجبت الشمس بصر بشخص قائم على صخرة ينادي : .
( يَا أَيُّهَا الرَّامي الظَّلِيمَ الأَسْوَدْ ... نَبَتْ مَرَامِيكَ وَلَمَّا ترْشُدْ ) .
فأجابه قرين : .
( يَا أَيُّهَا الهَاتِفُ فَوْقَ الصَّخْرَهْ ... كَمْ عَبْرَةٍ هَيَّجْتْهَا وَعَبْرَهْ ) .
( بِقَتْلِكُمْ مُرَارَةً وَمُرَّهْ ... فَرَّقْتَ جَمْعاً وَتَرَكْتَ حَسْرَهْ ) .
فتوارى الجني عنه هوياً من الليل وأصابت قريناً حمى فغلبته عيناه فنام فأتى الجني فاحتمله وقال : ما أنامك وقد كنت حذراً قال ( الحُمَّى أَضْرَعَتْنِي للنَّوْمِ ) فذهبت مثلاً .
ثم أتى به حاضرَ الجن فلما كان في وجه الصباح خلّى سبيله فقال قرين : .
( أَلا مَنْ مُبْلِغٌ فِتْيَانَ قَوْمي ... بِمَا لاقَيْتُ بَعْدَهُمُ جَمِيعا )