حميد عن أنس عن عمر .
وقد تقدم من ذكر الإصابة بالظن قبل هذا ما أغنى عن الإعادة .
قال أبو عبيد : ومن هذا مقالة عمرو بن العاص وقد اعتزل الناس آخر خلافة عثمان فلما بُلّغ حَصْرَه ثم قتله قال : أنا أبو عبد الله ( إِذَا حكَكْتُ قُرْحَةً أَدْمَيْتُها ) .
ع : المعروف من الرواية في هذا : إني إذا نكأت قرحة أدميتها .
وكان سبب حقد عمرو بن العاص على عثمان Bه أنّ عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي العامري كان من فرسان قريش المعدودين فيهم وكان على ميمنة عمرو بن العاص في افتتاحه مصر وفي حروبه كلها هنالك فلما عزل عثمان عمراً عن مصر ولاها عبد الله بن سعد وكان أخا عثمان من الرضاعة أرضعت أمُّهُ عثمان وولي مصر لعثمان سنة خمس وعشرين وفتح الله على يديه إفريقية سنة سبع وعشرين فاعتزل عمرو بن العاص بفلسطين وجعل يطعن على عثمان ويؤلب عليه ويسعى في إفساد أمره ولا يألو في ذلك جهداً فلما بلغه قتل عثمان Bه قال : أنا أبو عبد الله إني إذا نكأت قرحة أدميتها .
قال أبو عبيد : ومن أمثال أكثم بن صيفي في نحو هذا ( الأُمُورُ تشابهُ مُقْبِلَة وَلا يَعْرِفُهَا إِلاَّ ذُو الرَّأْي فَإِذَا أَدْبَرَتْ عَرفَها الجَاهِلُ كَمَا يَعْرِفُهَا العَاقِلُ ) .
ومنه قول الشاعر : .
( تَشَابَهُ أَعْنَاقٌ الأُمُورِ بَوَادِياً ... وَتَظْهَرُ في أَعْقَابِها حِينَ تُدْبِرُ ) .
ع : ومن هذا قول الشاعر وهو يبين الغرض فيه : .
ولا يَحْذَرُونَ الشَرَّ حَتَّى يُصِيبَهُم ... وَلا يَعْرِفُونَ الأَمْرَ إِلا تَدَبُّرا ) .
يقول : بعد إدباره وهذا هو الرأي الدَّبَريّ عندهم وهو الذي لا يظهر إلى صاحبه إلا بعد إدبار الأمر وأحسن من البيت الذي أنشده أبو عبيد وأسير في الأمثال قول الشاعر : .
( تَبيَّنُ أَعْجَازُ الأُمُورِ مَوَاضِيا ... وَتٌقْبِلُ أَشْبَاهاً عَلَيْكَ صُدُورُهَا ) 45 باب الرجل المجرب الذي قد جرسته الأُمور وأَحكمته .
قال أبو عبيد : قال أبو زيد والأصمعي جميعاً في مثل هذا ( إِنَّهُ لَشَرَّابٌ بأَنْقٌع ) أي أنه معاود للخير والشر .
قال : وأخبرني بعض علمائنا أن ابن جريج قاله في معمر بن راشد .
ع : قال أبو محمد : الصحيح في تفسير هذا المثل أن الطائر إذا كان حذراً مُنْكَراً لم يرد المياه التي يرِدها الناس لأن الأشراك تنصب بحضرتها وإنما يَرِد