ومن كلامهم في المجرب الداهي ( فلانٌ قَدْ رَكِبَ ظهْريِ البرّ والبحْر وعرفَ حالي الخيرِ والشرّ وذاقَ طعْمَي الحلو والمرّ ) وقال بعض البلغاء : لا ينال أحد الحكمة حتى ينسى الشهوات ويجوب الفلوات ويحالف الأسفار ويقتات القَفَار ويصل الليلة باليوم ويعتاض السهر من النوم .
وقال أبو الأشعث : النظر كالسيف والتجارب كالمسن .
وقيل : مرآة العواقب في يدي ذي التجارب .
وقال أبو تمام يصف نفسه بالتنقيب وشدة التجريب : .
( سَلي هَلْ عَمَرْتُ القَفْرَ وَهْوَ سَبَاسِبٌ ... وَغَادَرْتُ رَبْعِي مِنْ رِكَابِي سَبَاسِبَا ) .
( وَغَرَّبْتُ حَتَّى لَمْ أَجِدْ ذِكْرَ مَشْرِقٍ ... وَشَرَّقْتُ حَتَّى قَدْ نَسِيتُ المغَارِبَا ) .
وقال أيضاً : .
( خَلِيفَةُ الخضْرِ مَنْ يُربعْ على وَطَنٍ ... في بَلْدَةٍ فَظُهُورُ العِيسِ أَوْطاَني ) .
( بِالشَّامِ أَهْلي وَبَغْدَادُ المُنى وَأَنَا ... بِالرَّقْمَتَيْنِ وَبِالفُسْطَاطِ إِخْوَاني ) .
وكذلك قولهم ( فلان باقعة ) إنما أصله من حلول البقاع وتطلع البلاد وأهلها .
وقول أوس : أخو مأقط المأقط : موضع الحرب ومكان رحاها وقوله : نقاب يحدث بالغائب ويصفه بالذكاء وجودة الحدس وإصابة الظن كما قال في صفته في موضع آخر : .
( الأَلْمَعِيُّ الَّذِي يَظنُّ لَكَ الظَنَّ كَأَنْ قَدْ رَأَى وَقَدْ سَمِعَا ... )