فإن الأرض يحييها العدل ويعمرها الاقتصار على الاقتصاد أن يسامح . . . . .
فليستقر حكم هذه المسامحة استقرارا يبقي رسمها ويمحو من تلك البواقي المساقة رسمها واسمها ويضع عن كواهل الرعايا أعباءها ويسير بين البرايا أخبارها الحسنة وأنباءها ويسقط من جرائد الحساب تفاصيلها وجملها ويحقق بتعفيته آثارها رجاء رعية بلادنا المحروسة وأملها .
فقد ابتغينا بالمسامحة بهذه الجمل الوافرة ثواب الله وما عند الله خير وأبقى وأعتقنا بها ذمم من كانت عليه من ملكة المال الذي كان له باستيلاء الطلب واستمراره مسترقا تقربا إلى الله تعالى لما فيه من إيثار التخفيف ووضع إصر التكليف وتقوية حال العاجز فإن غالب الأموال إنما تساق على الضعيف وتوفير هم الرعايا على عمارة البلاد وذلك من آكد المصالح وأهمها وتفريغ خواطرهم لأداء ما عليهم من الحقوق المستقبلة وذلك من أخص المنافع وأعمها فليقابلوا هذه النعم بشكر الله على ما خص دولتنا به من هذه المحاسن ويوالوا حمده على ما متعهم به من مواد عدلها التي ماء إحسانها غير آسن ويبتهلوا لأيامنا الزاهرة بالأدعية التي تخلد سلطانها وتشيد أركانها وتعلي منار الدين باعتلائها وتؤيدها بالملائكة المقربين على أعداء الله وأعدائها وسبيل كل واقف على مرسومنا هذا من ولاة الامر أجمعين العمل بمضمونه والانتهاء إلى مكنونه والمبادرة إلى إثبات هذه الحسنة والمسارعة إلى العمل بهذه المسامحة التي تستدعي مسار القلوب وثناء الألسنة وتعفية آثار تلك البواقي التي عفونا عن ذكرها ومحو ذكر تلك الأموال التي تعوضنا عن استيفائها بأجرها .
وهذه نسخة مرسوم شريف بالمسامحة بالبواقي في ذمم الجند والرعايا بالشام كتب به في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون في شهور سنة اثنتين