إليه ورزقنا من النصر على أعدائه ما أعز المسلمين وأدالهم وأذل المشركين وأذالهم وكف بالرعب أطماعهم وأعمى بما شاهدوه أبصارهم وأصم بما سمعوه أسماعهم وحصرهم بالمهابة في بلادهم وأيأسهم بالمخافة من نفوسهم قبل طارفهم وتلادهم لم نزل نرغب في حسنات تحلى بها أيامنا وقربات تجري بها أقلامنا ومكرمات تكمل بها عوارفنا وإنعامنا ومآثر يخلد بها في الباقيات الصالحات ذكرنا ومواهب تجمل بها بين سير العصور الذاهبة سيرتنا الشريفة وعصرنا ومصالح يصرف بها إلى مصالح البلاد والعباد نظرنا الجميل وفكرنا نهوضا بطاعة الله فيما ألقى مقاليده إلينا وأداء لشكره فيما أتم به نعمه العميمة علينا واكتسابا لثوابه فيما نقدمه من ذخائر الطاعات بين يدينا ونظرا في عمارة البلاد بخفة ظهور ساكنيها وإطابة لقلوب العباد من تبعات البواقي التي كانت تمنعهم من عمارة أراضيهم وتنفرهم من التوطن فيها ورغبة فيما عند الله والله عنده حسن الثواب وتحريا لإصابة وجه المصلحة الإسلامية في ذلك والله الموفق للصواب .
ولذلك لما اتصل بنا أن باقي البلاد الشامية من البواقي التي يتعب ألسنة الأقلام إحصاؤها ويثقل كواهل الأفهام تعداد وجوهها واستقصاؤها مما لا يسمح بمثله في سالف الدهور ولا يسخو به إلا من يرغب مثلنا فيما عند الله من أجور لا تخرجه عن مصالح الجمهور اقتضت آراؤنا الشريفة أن نعفي منها ذمما كانت في إغلال إسارها وأثقال انكسارها وروعة اقتضائها ولوعة التردد بين إنظار المطالبة وإمضائها وأن نعتق منها نفوسا كانت في سياق مساقها وحبال إزهاقها وإرهاقها لتتوفر الهمم على عمارة البلاد بالأمن على الطارف والتلاد وتجمع الخواطر على حسن الخلف بما حصل لهم من المسامحة عما عليهم من ذلك سلف بذمم برية من تلك الأثقال عرية عن عثرات تلك البواقي التي ما كان يقال إنها تقال .
فرسم بالأمر الشريف زاده الله تعالى علوا وتشريفا وأمضاه بما يعم الآمال رفقا بالرعايا وتخفيفا وأجراه من العدل والإحسان بما يعم البلاد ويجبر العباد