إرادات كانت الأمة منذ زمان لم تر مثالها وساعدت العناية الربانية فلم تؤن مقصودا جميلا ولا منا جزيلا .
وإلى هذا أدام الله كرامتكم فإنا لم نزل مع طول المباشرة للأحوال كلها وتردد المشاهدة لعقد الأمور وحلها نقف وقوف المتأمل على جزيئات الأمور وكلياتها ولا يغيب عن تصفحنا وتعرفنا شيء من مصالح الجهات وكيفياتها ولم نمر بمائل إلا تولينا إقامته وأعدنا إليه اعتداله واستقامته ولا انتهينا إلى صواب قول أو عمل إلا شدنا مبناه وأظهرنا لفظه ومعناه .
والآن حين استوفى إشرافنا على البلاد قاطبة ولزمنا بحكم القيام لله في خلقه بحقه أن نتعهد الكافة دانية ونائية وشاهدة وغائبة ورجونا أن نتخلص من القسم الأول في قوله عليه السلام اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به بأعمال على الرفق دائبة وعلى الحق مواظبة صرفنا أعنة الاعتناء بجوامع المصالح فرأينا الدين ينظم تبددها ويستوعب تعددها لا تشذ مصلحة عن قوانينه ولا تنال بركة إلا مع تحصينه وتحسينه والله تعالى يعيننا وإياكم على إقامة حدوده وإدامة عهوده وأول ما يتناول به الأمر كافة المسلمين الصلاة لأوقاتها والأداء لها على أكمل صفاتها وشهودها إظهارا لشرائع الإيمان في جماعاتها فقد قال عليه السلام أحب الأعمال إلى الله الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع وقال عمر Bه ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة فهي الركن الأعظم من أركان الإيمان والأس الأوثق لأعمال الإنسان والمواظبة على حضورها في المساجد وإيثار ما لصلاة الجماعة من المزية على صلاة الواحد أمر لا يضيعه المفلحون ولا يحافظ عليه إلا المؤمنون قال ابن مسعود Bه لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف وشهود الصبح والعشاء والآخرة شاهد بتمحيص الإيمان