الجاني على نفسه والحاني على موضع رمسه والمفرط في مصلحة يومه وغده بتذكير عداوة أمسه .
ولما كان من تقدم بالمملكة الفلانية قد زين له الشيطان أعماله وعقد بحبال الغرور آماله وحسن له التمسك بالتتار الذين هم بمهابتنا محصورون في ديارهم مأسورون في حبائل إدبارهم عاجزون عن حفظ ما لديهم قاصرون عن ضبط ما استلبته السرايا المنصورة من يديهم ليس منهم إلا من له عند سيوفنا ثار ولها في عنقه آثار ومن يعلم أنه لا بد له عندنا من خطتي خسف إما القتل أو الإسار .
وحين تمادى المذكور في غيه وحمله الغرور على ركوب جواد بغيه أمرنا جيوشنا المنصورة فجاست خلال تلك الممالك وداست حوافر خيلها ما هنالك وساوت في عموم القتل والأسر بين العبد والحر والمملوك والمالك وألحقت رواسي جبالهم بالصعيد وجعلت حماتهم كزروع فلاتهم منها قائم وحصيد فأسلمهم الشيطان ومر وتركهم وفر وماكرهم وماكر وأعلمهم أن موعدهم الساعة والساعة أدهى وأمر وأخلفهم ما ضمن لهم من العون وقال لهم ( إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون ) .
وكان الملك فلان ممن تدبر طرق النجاة فلم ير إليها سوى الطاعة سبيلا وتأمل أسباب النجاح فلم يجد عليها غير صدق الانتماء دليلا فأبصر بالخدمة موضع رشده وأدرك بسعيه نافر سعده وأراه الإقبال كيف ثبتت قدمه في الملك الذي زلت عنه قدم من سلف وأظهر له الإشفاق على رعاياه مصارع من أورده سوء تدبير أخيه موارد التلف وعرفه التمسك بإحساننا كيف احتوت يده على