بدأ الوحي والتنزيل وإليها أعنقت الركاب ففي كل أبطح للمطي مسير ومسيل فكم أتى إليها من سائر الناس سائر وكم أتى إليها الناس رجالا وعلى كل ضامر فالرحمة مستقرة بين نواحيها والعيون تتملى بأنوار تلك الأستار حتى تجتليها والشفاه تتشرف بتقبيل ذلك الحجر الذي يشهد لها في غد ويقيها فطوبى لمتقيها وسحقا لمن أخاف وفد الله فيها ونحن قد بصرنا الله بخدمة بيتها المحرم وحرمها المعظم وكرر إليها حجنا وكرمه فلله الحمد أن كرر حجنا وكرم وما برحنا نقيم في إمارتها من العترة النبوية كل شريف النسب وكل من يكتسب فيها رضا الله تعالى وكل امريء وما اكتسب فمن أصلح منهم أقمناه ومن حاد عن الطاعة وجحد النعمة أزلناه ومن أخاف فيه السبيل لم نجعل له إلى الخير سبيلا ومن استقام على الطريقة توكلنا على الله ووليناه وكفى بالله وكيلا .
وكان فلان هو الذي ما زالت خواطرنا الشريفة تقدمه على بني أبيه وتختاره أميرا وتجتبيه وربما سلفت من بيته هنات صفحنا عنها الصفح الجميل وما قابلناهم إلا بما يليق لمجدهم الحسني الحسن الأصيل والإمرة وإن كانت بيد غيره هذه المدة فما كان في الحقيقة أمير عندنا سواه لأنه كبير بيته المشكور من سائر الأفواه .
والآن قد اقتضت آراؤنا الشريفة أن نقيمه في بلده أميرا مفردا إليه يشار وأن نصطفيه وإنه عندنا لمن المصطفين الأخيار وأن نجعل الكلمة واحدة ليأمن النزيل والجار ومتى تجاذب الأمر كلمتان فسد نظامه ومتى أفرد الحكم حسنت أحكامه ومتى توحد الأمر زال الاختلاف وزاد الائتلاف وأقبلت أيامه .
فلذلك رسم بالأمر الشريف أن تفوض إليه إمرة مكة المشرفة على عادة