ولما كان المجلس العالي هو الذي لم يبرح صدره خزانة أسرارنا وفكره كنانة إعلاننا في المصالح وإسرارنا وخاطره مرآة آرائنا ويراعه مشكاة ما يشرق من أنوار تدبيرنا أو يبرق من أنواء آلائنا ينطق قلمه في الأقاليم عن ألسنة أوامرنا المطاعة وينفذ كلمه عن مراسمنا في ديوان الإنشاء بما تقابله أقلام الجماعة بالسمع والطاعة وكانت سنه قد علت في خدمتنا إلى أن رأينا توفير خاطره على البركات عن كثير مما يتبع ركابنا الشريف من لوازم الحركات وأن نعفيه مما يلزم الإقامة بأبوابنا الشريفة من كثرة المثول بين يدينا وأن نقتصر به على أخف الوظيفتين إذ لا فرق في رتبة السر بين ما يصدر عنا أو ما يرد إلينا .
فرسم بالأمر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الفلاني أن يكون فلان صاحب ديوان الإنشاء الشريف بالشام المحروس بمعلومه الشاهد له به الديوان المعمور بالأبواب العالية عوضا عن أخيه المجلس السامي القضائي المحيوي يحيى بن فضل الله ويستمر أخوه القاضي محيي الدين المذكور مع جملة الكتاب بديوان الإنشاء الشريف بالشام المحروس بالمعلوم الشاهد به الديوان المعمور .
فليباشر هذه الرتبة التي تأثلت به قواعدها وعن تقريره وتحريره أخذ كل من كان بأنواعها وأوضاعها عليما فإنه لم يخرج عن أخيه شيء وصل إليه ولا فوض له إلا ما هو بحكم عموم الأولوية والأولية في يديه وأما ما يتعلق بذلك من وصايا تبسط وقواعد تشرط فإنها منه استفادها من رقمها وعنه ارتوى بها ورواها من تعلمها ونحن نعلم من ذلك ما لا يحتاج إلى أن يزداد فيه يقينا ولا أن نزيده بذكره معرفة وتمكينا والاعتماد .
قلت ومن غريب ما وقع أنه كتب للمقر الشهابي بن فضل الله بكتابه السر بالشام حين وليها بعد انفصاله من الديار المصرية توقيع مفتتح بأما بعد