أما بعد فإن أولى من انتدب لحفظ ممالك الإسلام وأتمن على صونها بعزمه الذي لا يسامي ولا يسام وأسند إليه من أمور الرعايا بأجل الممالك ما يقضي بمزيد التكريم واعتمد على صيانته وديانته لما شهد الاختبار بأنه أهل للتقديم وجربت الدول مخالصته وتحقق اهتمامه الذي بلغه من العز غايته وأثنت على حسن سيرته وسريرته سوابق خدمه وشكر اهتمامه في المخالصة التي أعربت عن عزمه ففاق أشباها وأنظارا وكفل الممالك الشريفة الحلبية والحموية فأيدها أعوانا وأنصارا وبسط فيها من العدل والإنصاف ما أعلى له شأنا ورفع له مقدارا وسلك فيها مسلكا شنف أسماعا وشرف أبصارا .
ولما كان المقر الكريم إلى آخره هو صاحب هذه المناقب وفارس هذه المقانب ونير هذه الكواكب كم أبهج النفوس بما له من عزم مشكور وحزم مأثور ووصف بالجميل موفور .
فلذلك رسم بالأمر الشريف لا زال لسيف أوليائه مرهفا ولا برح لأخصائه مسعدا ومسعفا أن تفوض إلى المشار إليه نيابة السلطنة الشريفة بالشام المحروس على أجمل عوائد من تقدمه في ذلك وأكمل قواعده فليتناول هذا التقليد الشريف بيد لم يزل لها في الولاء الباع المديد الطويل ويتلق هذا الإحسان بالشكر الذي هو بدوام النعمة خير كفيل ويضاعف ماهو عليه من اهتمام لم يزل منه مألوفا واعتزام إذا لاقى غيره مهما واحدا لاقى هو ألوفا ويمعن النظر في مصالح هذه المملكة الشامية المحروسة ويعتمد من حسن تدبيره ما تغدو ربوعها بحسن ملاحظته عامرة مأنوسة وهو يعلم أن العدل من شيم دولتنا الشريفة سيجة أيامنا التي هي على هام الجوزاء منيفة فليسلك سننه ويتبع فرضه وسننه ويعلم أن عدل سنة خير من عبادة ستين سنة ولينشر على الرعايا ملابسه الحسنة ويعظم الشرع الشريف وحكامه ويعين الإقطاعات لمن يستحقها من الأيتام أو يوجب الاستحقاق إكرامه والله تعالى