أحوال ولاتهم وتعهد سلوك الرعايا مع رعاتهم ورد مجموع كل عمل إلى من لا يبيت طرفه في مصالحهم مملوءا من الوسن ولا يقر له في التنقل في مهماتهم جواد في رسن ولا تهدأ سيوفه في الأغماد ما برقت بارقة فتن ولا يشرب الماء إلا ممزوجا بدم ولا يبيت إلا على دمن وكانت الديار المصرية المحروسة أحوج شيء إلى هذا الموصوف وأكثر اضطرارا إلى ما تشام له في صلاح رعاياها لوامع سيوف والوجه القبلي بها هو الجامع ما يزيد على السبعة الأقاليم الحائز من أهل الحضر والبادية لكل ظاعن ومقيم قد امتد حتى كاد لا ينتهي إلى آخر ولا يلتهي بما يكنفه من بر مقفر وبحر زاخر قد جاور بالأودية العميقة الحوت في الماء وجاوره في السماء برفعة الجبال وتطاول حتى اتصل طرفاه الجنوبي بالجنوب والشمالي بالشمال وحوت مجاريه من النيل المبارك ما مد الرزق الممتد وأمد المد المبيض على عنبرة ثراها المسود وهو الوجه الذي تعرف في كوثر نيله نضرة النعيم ويبهر حسنا من أول قطرة تقع من مرآه الجميل على وسيم قد حال فيه الماء محمرا كأنما يشرب ندى ورد الخدود وحلا كأنما ضرب الضرب في لمى ريقه المورود وكان لا ينهض بأعبائه ويرد بالغيظ متقرحة عيون رقبائه ويمنع كل منسر منسر يحذر أن ينتهب وذيل خبائه إلا من تقدمت له درب يتعلم في جليل الخطوب من مضائها السيف المذرب ويقتدي في دقيق التلطف بسياستها القلم المجرب وكان فلان هو الذي تتهادى كفايته الأعمال ويتعادى نفعه والسحب فلا يدري لمن منهما التروي ولمن الارتجال وقد ولي الأعمال البهنساوية وهي في هذا الوجه الجميل أبهج صورة وأبهى فيما تكثر منافعه المشهورة فأضحى المغل في