سبقت به دعوته من تأييد الدين بعمر وخصنا ممن ينتمي إلى أصحابه بأجل صاحب ينوب عن شمس عدلنا في محو ظلمة الظلم مناب القمر وعلى آله وصحبه الزهر الغرر وسلم تسليما كثيرا .
وبعد فإن أولى من اختيرت جواهر الكلام لرصف مفاخره وانتخبت غرر المعاني لوصف آثاره في مصالح الإسلام ومآثره وقامت خطباء الأقلام على منابر الأنامل بشيرة بيمن أيامه وتطلعت مقل الكواكب مشيرة إلى ما أقبل على الأقاليم من إقباله وسحت سحب أقلامه وتبرجت زهر النجوم لينتظم في عقود مناقبه سعودها وتأرجت أرجاء المهارق إذ تبلج من ليل عن فجر عمودها وسارت به أنباء السعود والقلم الناطق بذكره وهو المحلق الميمون طائره والطرس الموشع بشكره وهو المخلق الذي تملأ الدنيا بشائره من استخلصته الدولة القاهرة لنفسها فتملاها عينا وسر بها قلبا واختصته بخواصها الشريفة فرحب بها صدرا ولباها لبا وكلف بمؤازرتها بذاتها حتى قيل هذه ( تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا ) وأحلته من وزارتها الشريفة بالمكان الأسنى والحرم الحريز وأثنت على فضله الأسمى بلسان الكرم البسيط الوجيز واعتمدت في أمور رعاياها على ما فيه من عدل وورع لا ينكر وجودهما من مثله وهو في الحقيقة عمر بن عبد العزيز وأدنته عنايتنا منا لما فيه من فضل عميم وحسب صميم ونسب حديث مجده قديم وأصالة إذا افتخرت يوما تميم بقومها قالت أين تميمك من جده صاحب رسول الله تميم وغرسته لنفسها وطال ذلك الغرس وطاب الثمر واعتضدت بتدبيره فكان له عند أطراف العوالي في مكانه الأعز أظرف سمر ووثقت بما فيه من عدل ومعرفة لا ينكر من نحا الصواب اجتماعهما في عمر واشتقت له بإحساننا من نسبته وصفا جميلا ونعتا جليلا وخصته لمزية ذلك الاشتقاق بمزيد قربنا فأمسى في خدمتنا جليلا وأصبح خليلا ورعت له ما قد تم من تدبير أتى عليه بنفسه وسداد ظهرت مزية