رتب العلماء في حسن العمل بمطلقه ومقيده وعمومه وخصوصه وعنهما تفرعت أحكام الملة فملأت علومها جميع الآفاق وزكت أحكامها الشرعية على كثرة الإنفاق وسرى الناس منها على المحجة التي استوى في الإشراق ليلها ونهارها وعلا على الملل بالبراهين القاطعة نورها ومنارها وكفى أهلها شرفا أنهم يذبون عن سنة نبيهم ذب الليوث ويجودون على الأسماع بما ينفع الناس في أمر دينهم ودنياهم منها جود الغيوث ويحافظون على ألفاظها محافظة من سمعها منه ويعظمون مجالس إيرادها ونقلها حتى كأنهم لحسن الآدب جلوس بين يديه ويغالون في العلو طلبا للقرب منه وذلك من أسنى المطالب ويرحلون لضم شوارده من الآفاق فياقرب المشارق عندهم من المغارب .
ولما كان المجلس السامي الفلاني هو الذي عني بكل ما ذكر من وصف كريم وحديث ورع قديم وقدم هجرة في علم الحديث اقتضت له حسن أولوية ووجوب تقديم وتلقى هذا العلم كما وصف عن أئمته حتى صار من أعيانهم ولقي منهم علماء أضحى باقتفائهم كما كانوا رحلة زمانهم ونظر في علومه فأتقنها فكأنه ينطق فيها بلسان ابن الصلاح وأحرز غايات الكمال في أسماء الرجال فإلى اطلاعه يرجع في تجريح المجرح وتعديل الصحاح وكان منصب تدريس الحديث الشريف النبوي الذي أنشأناه بالجامع الحاكمي تكثيرا لنشر أحاديث من لا ينطق عن الهوى ونويناه لارتواء الرواة من بحر هذا العلم الشريف بالإعانة على ذلك وإنما لكل امرئ ما نوى قد استغرقت أوقات مباشره بتفويضنا الحكم العزيز على مذهبه إليه وتوفير زمانه على .
قلت وتختلف أحوال التواقيع التي تكتب بالتداريس باختلاف